إن أعظم خدمة تمنحها للبشر هي أن تتركهم يفعلون ما يشاؤون دون أن تحكم على أفعالهم أو سلوكياتهم أو كلامهم. وعندما ترغب في أن يزرع أحدهم وردة في بستانه، فمن السذاجة أن تذهب وتحشر أنفك في بستانه لتزرعها له. إن كنت تريد أن تجعل المجتمع أو أي إنسان يفعل هذا الشيء، فابدأ بنفسك وازرع هذه الوردة في بستانك، ولا شأن لك إن زرع الآخرون مثلك أم لم يزرعوا، فمسؤوليتك محصورة في بستانك، لا في بساتينهم.
وعندما ترغب في إزالة النفايات من بيت أحدهم، فمن الأولى أن تبدأ بإزالة نفاياتك أولًا، كما أنه لا شأن لك بنفايات غيرك، فحسابك يخصك وحدك، وأفعالك تنعكس عليك، وأقوالك تخصك لا غيرك.
بالنسبة لي، أرى أن النصح يسبب أضرارًا أكثر مما يجلب من الفوائد. وصدقًا، كم أكره من ينصحني معتقدًا أنه يعرف كل حيثيات حياتي التي جعلتني أتصرف بطريقة معينة! في النهاية، أنت لا تمتلك نفس المدخلات التي أمتلكها، وليس هذا فحسب، بل إن كل ما تعرفه عن الموقف الذي قررت فيه مخرجًا معينًا قد يكون خاطئًا تمامًا. لهذا، أرجوك أن تحتفظ بنصحك لنفسك، وإن كنت تظن أنك تفعل خيرًا من خلاله، فلا تفعله عندي. أرجوك، انصرف.
أما إذا كنت حقًا ترغب في نصح شخص ما، فماذا ستفعل؟ لو كنت مكانكم، لطلبت الإذن أولًا فإن سمح لي الشخص بإعطاء النصيحة، سأقدمها، وإن لم يسمح، فلن أفعل، وسأحترم هذا الرفض وأتقبله تمامًا ، وفي المجمل لا اقدم النصائح الا لمن طلبها ، ولا يهمني حقا اخذ بها او لم يؤخذ هذا شي له كامل الحق بان يختارها او لا .
وهنا نصل إلى مشكلة أخرى: الرفض. أعلم جيدًا أن شعور رفض فكرتك أو نصيحتك قد يكون مزعجًا نوعًا ما، لكنه ليس سيئًا في ذاته، بل أنتم من اعتدتم على اعتباره كذلك. هناك الكثير من البشر لا يتحسسون من الرفض، ببساطة لأنهم لم يمنحوه هذه السلطة عليهم.
أما إن كنتم تريدون إسقاط مثال، مثل شخص يحاول الانتحار، فهل ستساعده أم لا؟ في هذه الحالة، من الطبيعي أن تساعده، لأن الأمر يتعلق بإنقاذ حياة، وليس بتوجيه نصيحة .
Khadija-ija
التعليقات