لم أكن أنوي دخول تخصص التاريخ بل لم أكن مهتما به حتى، ورغم ذلك ها انا على وشك دخول سنتي الجامعية الثالثة في هذا التخصص..

لقد وقعت في حب التاريخ بكل مافيه، وكثير من الطلاب الذين دخلوا لهذا التخصص يجدون صعوبة في الخروج منه ما إن يتقدموا في دراسته لمدى تعلقهم به.. فلماذا أحب التاريخ؟

ولماذا يجب عليك دراسته او على الأقل القراءة فيه؟

ربما تكون قد سمعت بمصطلح "أب العلوم" والذي يشير به الكثير لعلم التاريخ..

فهو العلم الذي ينقل بداية كل العلوم على مدى الزمان، وبه يمكن للعلوم أن تتطور وتتحسن.

والعجيب أن الكثير يستنقص من العلوم الأدبية، بينما يجهل أنه لولا الله ثم علم التاريخ لما وصلنا لما وصلنا له في هذا العصر.. فكيف بإعتقادك سيتطور علم الكيمياء إن كان كل كيميائي سيظل يجرب دمج العناصر وخلطها دون معرفة النتيجة؟

وهل سيمكن نقل معلومات عن اول من ساهم في تطوير هذا العلم ونسب الفضل إليه إن لم يوجد من يسجل هذه الأمور؟

هناك الكثير من الفوائد التي تجعل من هذا العلم (التاريخ) علماً لا مفر من دراسته، فما ذكرته الآن مجرد مثال بسيط والذي تشترك به كل العلوم، فجميعها تحتاج التاريخ كما نحتاجه نحن!

فعندما تقرأ التاريخ ستتعرف على أسباب القيام الكثير من الدول والممالك وأسباب إنهيارها، ستتعرف على أوضاع تلك البلدان في أوج إزدهارها وعلى أسباب تدهورها وربما إختفائها..

ستتعرف على شخصيات مؤثرة غيرت مجرى التاريخ للأفضل او للأسوأ..

ستعرف الكثير من الأحداث المفصلية التي كان لها الأثر الكبير والتي أدت لوصولنا لما نحن عليه اليوم..

الحروب والمجازر التي حصلت، الكوارث والمجاعات، الممالك والإمبراطوريات التي قامت وسقطت..

وشخصياً، أرى أن اهم ما يمكن ان اكتسبه من التخصص في هذا العلم هو عقلية المؤرخ، وهو كيفية تدوين الأحداث وسردها وتفسيرها وتحليلها بموضوعية.. والذي يساعدك على فهم الصورة الكاملة وإستخراج العبر من الحوادث التي حدثت في الماضي وربما إسقاطها على وقتنا في الحاضر..

فهناك الكثير من الشخصيات والاحداث التاريخية التي لا يمكن أن يختزلها الناس في ثنائية الخير و الشر..

وهذا شيء تعلمته من دراسة هذا العلم..

أنا وانت لسنا كاملين كما ليست الكثير من الشخصيات التاريخية، فجميعنا بشر، ومهما كنت صالحاً ف《إن القلوبَ بين إصبعين من أصابعِ اللهِ يقلِّبُها كيف يشاءُ》كما قال الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام.

وليست كل خياراتنا التي نختارها صائبة، فقد تظن انك أخترت الخيار الأفضل فتتفاجئ بنتائجه الكارثية التي لم تحسب لها حساباً.

ولا نكون دائما في أفضل حالاتنا، فقد تكون في موقف صعب فتستخدم الخداع والمكر والكذب لتستطيع الخروج منه، رغم أنك معروف بصدقك وأمانتك، وهذا ليس غريباً فالنفس البشرية ضعيفة وتضعف من وقت لآخر!

دروس التاريخ لا تقدر بثمن، ومهما تكلمت عن قيمتها فلن أوفيها حقها، ولكن اتمنى ان اكون جعلتك تفكر ولو قليلاً في القراءة في هذا العلم الكبير.

اعتذر على الإطالة وأعتذر على تخطي الكثير من النقاط الهامة فقد كتبت هذه المساهمة على عجلة وبشكل غير منظم، وهذا كله مجرد إجتهاد شخصي.

فإن أصبت فمن الله وإن اخطأت فمن نفسي والشيطان، والسلام عليكم.