التواريخ مثل الأطلال تكون مُدنًا آهلة بالسكان، ثم يهجرها أهلها لمكان أفضل، ومع مرور الوقت تهدها العوامل الطبيعية وأيادي الإنسان، ويأخذ منها الغالي لتعمير مكان آخر، ويردمها الزمن ليأتي من يُظهرها ويكتشف أطلالها.

أغلبية قصصها ستبنى على تكهنات المكتشفين، وما تتناقله الألسنة عبر الأجيال.. هكذا هي التواريخ لنا. فتواريخ ميلاد من هجروا وتواريخ ميلاد من غادروا الدنيا مع الوقت تصبح مجرد ذكرى تظهر مع حلول ذاك التاريخ وتختفي مع مروره.

وتأتي أجيال أخرى وتصبح قصص هذه التواريخ مجرد قصص تُحكى وصور، النظر إليها لا يُحرك أي إحساس، مثلها مثل أي صورة بمجلة أو صحيفة.

نعيش ونحتفل بحلول تواريخ أناس نعرفهم مدة سنين و مع مرور الزمن يصبحون ذكرى، ثم أطلالًا لا يعلم حقيقتها إلا من عاشوا فيها أو معها. حتى إننا تخلَّينا عن اقتناء الروزنامة الزمنية مع حلول العام الجديد كما كنا سابقًا.

وسقط القلم الذي كان يشطب ما فات وينتظر الجديد. ولم يبقَ للروزنامة مكان بحائطنا. وحلَّت مكانها نظرة خاطفة على هاتف نقال أو حاسوب. حتى الرزنامة أصبحت من الأطلال.