انها حقا أشبه بالحرب ، لكل عمل طبيعته الخاصه وهذا التشبيه هو اقل ما توصف به طبيعة عملي ،اتذكر جيدا عندما بدأت العمل في الشركة كمهندس مشاريع و أتذكر كم كانت الامور صعبه لدرجة اقرب الي المستحيل ولكن ما كان يدخل الى قلبي الطمأنينة هؤلاء المهندسين داخل الشركة وقلت لنفسي وقتها اذا كانوا هم استطاعوا فعل ذلك الأمر فلابد لي من فعله أيضا وهكذا بدأ الأمر معهم فلم أجد منهم شيئا غريبا او حقدا ولكن اهم ما كان يميزهم هي المساعده في كل شئ،عندما مرت الأيام وتمكنت بالفعل من كل كبيرة و صغيرة لها علاقة بمجال عملي بدأت معها في فهم أكثر لطبيعة العمل ،كان مهندس المشروع مسؤول عن كل شئ يخص المشروع بداية من المشاركة في مناقشة العقود وبنودها ، فحص الرسومات المبدأية و وضع التعليقات عليها ومن ثم نقلها الي قسم المصممين و مراجعتها علي طول مدة التصميم ، متابعة المشتريات، الانتاح و الحسابات ولم يكن هناك اكثر من هذا الامر يفعله مهندس المشاريع ،أما حضور الاجتماعات و المناقشات العامه حول المشروع فعادة ما كنا نحضرها مع مدير المشاريع و الذي كانت له السلطه العليا و القرار الاخير خاصة في الأمور الكبيره مثل تغيير او اضافة بنود جديدة خارج بنود العقد كما انه كان يتابع جميع مشاريع الشركة مع باقي المهندسين.
عندما مر العام الاول تقدم مدير المشاريع باستقالته تاركا فراغا كبيرا بين المدير العام و مهندسي المشاريع وعندما قررت الشركة عدم تعيين مدير مشاريع جديد تحولت مسؤلياته تدريجيا الي مهندسي المشاريع فاصبحت حينها مهندس مشروع بمهام مدير مشاريع،هنا بدأت طبيعة العمل في التغيير نتيجة للمهام الجديدة عندها بدأت في حضور الاجتماعات الفنية و العامه واجتماعات مناقشة العقود والحسابات ومتابعة تقدم المشاريع سواء علي مستوي الإنتاج او التنفيذ وبالطبع اتخاذ القرارات الفورية.
كان لكل مشروع طبيعه خاصة تختلف مع اختلاف الشركات صاحبة العمل فهناك شركات يحكمها نظام صارم في التنفيذ وهذا عادة يعود علينا بالفائده في سرعة التنفيذ وتقدم المشروع وتكون بنود العقد و ما يتم اتخاذه من قرارات موثقه في الاجتماعات الدورية هي الملزمه لكافة الاطراف ،اما علي الجانب الاخر يوجد شركات تحكمها الاهواء الشخصية ويرجع ذلك الى ضعف ادارة الشركة وعدم وضع نظام لجميع من يعملون في المشروع وعدم اتباع جدول المخطط الزمني للمشروع ولذلك تعاني هذه المشاريع من ضعف التنفيذ و زيادة الغرامات نتيجة للتأخير عن الموعد المحدد للتسليم.
كان مهندس المشاريع هو حلقة الوصل بين الشركة و المقاول الرئيسي وبين مقاولي الباطن، و لذلك كان ترتيب و تنظيم العمل بين كل هؤلاء هو أشبه بالحرب حقا، مع تقدم و ضغط المشاريع و اقتراب موعد التسليم تبدأ ظهور المشاكل مع جميع الاطراف وعندها يبدأ كل طرف في اثبات حسن تنفيذه و عمله علي حساب الاخريين و لكن مع سنوات الخبرة كنا نتوقع حدوث مثل تلك الاشياء ولذلك كنت اقوم بتوثيق كل ما يصدر من المقاول الرئيسي و اظهاره في الوقت المناسب و هنا كانت تحدث الكثير من الصدامات اثناء الاجتماعات الاسبوعية نتيجة للمشاكل السابقة فاذا لم تكن متسلحا جيدا بما يثبت وجهة نظرك فمع الوقت ستكون الضحية و يتم معها القاء اللوم عليك في كل شئ حدث، و كانت الأمور المالية من اعقد الأشياء حيث أن معظم الشركات تواجهه بعض الصعوبات المالية أثناء تنفيذ المشروع و كانت هذة ورقة ضغط جيدة اما الدفع او توقف العمل و لكن لم تكن هذه السياسه تتبع مع جميع الشركات.
وكذلك كان الوضع مع مقاولي الباطن فكان علي ايضا متابعة،تقدم عملهم والتزامهم بينود العقد و مطابقة الاعمال المنفذه للمواصفات الفنية للمشروع و كذلك متابعة الامور المالية وصرف الفواتير المستحقة حتي لا يتوقف العمل.
يتبع...
التعليقات