إن شئت أن تحادثني فلتحادثني لأنني إنسان قبل أن أكون أنثى، مراهقة، عربية، ناجحة، جميلة. إن كنت تود الاقتراب مني لأنني شخص مسلم فأنا الدين عندي قد اختصرته منذ زمن بعيد بجملة واحدة "جميع الأديان تدعو إلى محبة الله، والله يدعو للإنسانية" إن كنت تنفر مني لمجرد أنني عربية، سورية الجنسية، فأنا من السماء، مسكن الملائكة وموطن الطيور، لو كنت تود أن تتحدث معي بالسياسة، فأنا على أتم الاستعداد لأن سياستي الوحيدة هي العقل، لا أريد منك أن تحبني يوماً من أجل أفكاري وانتماءاتي، لأنني لا انتمي لشيء سوى للإنسانية، وأفكاري ليست بالشيء الغريب فهي نتاج لفعل عادي يقوم به أي إنسان، ليثبت أنه موجود. لا تقبلني لأنني أكتب فأنا إنسان يمارس حقه بالكلام، ولا يعني لي أن تعجب بشكلي، جميع الناس لديهم شكل ويمتلكون قرنية وقزحية ووجه وفم وأنف، ومثلي مثل غيري، لن تكون عنصرياً معي لأن بشرتي بيضاء، حسناً، شكراً، ولكن أنا لا أهتم بهذا الشيء أبداً، فكل مافي الأمر إنني ولدت بمكان لايحتاج فيه الجلد لكميات كبيرة من صباغ الميلانين، لا تتعامل معي لأنني متعلمة، ذكية، قارئة، لأنه وبكل بساطة أنا فقط لست من عداد الملياري إنسان الذين لا يتقنون القراءة، ربما ستحبني لأنني معروفة بقوتي شجاعتي، بتقبلي للناس أو من أجل شخصيتي التي تراها تعمل على أن يكون لها مستقبل، ربما امتلك ألقاباً معينة تثير إعجابك ولكن حتماً هذه الألقاب لاتهمني، كل الألقاب بالنسبة لي زائفة، أنا الإنسانة رنوه ولو كان اسمي غير ذلك لكنت اكتفيت بقول أنا الإنسانة، ولكن رنوه النظر بكل حب وهذه من خصائص الإنسان وهو لايدل سوى على الرؤية، يمكن أن نتلاقى بالكثير من المفترقات، ونتشابه في حبنا لشاعرٍ ما أو لمغنٍ ما ، ويمكن أن نكون نقوم بذات الأنشطة ونحب توجهات معينة في الحياة، لكن كل هذا لايكفي لنكون على علاقة ببعضنا، لأنني إنسان وأنت إنسان وعلاقتنا إنسانية بالمقام الأول، كل شيء يمكن أن يتغير في لحظة واحدة وربما يزول ولكن الإنسانية باقية، الإنسانية ليست صفة بل هي غريزة، غريزة تُقتل بالتوجهات والانتماءات والقيود والعادات والتقاليد التي لا معنى لها، أن تكون إنسان فأنت حر ولا شيء يجعلك مقيد، لا تسمح للعادات البالية أن تحولك إلى عبد للحياة الرتيبة التي تسعى فقط للمال والنجاح لغايات شخصية أنت لاتدركها حتى، ولكن بحكم البيئة التي نشأت فيها تجد نفسك تجري خلف نشاطات معينة لأنها -وبحسب مايعتقد الجهلاء- تجعلك سعيداً، جرب أن تعيش يوماً وأنت إنسان حقيقي وحرر نفسك من عبودية الانتماءات التي تلغي إنسانيتك، وسترى حينها أن الحياة تبتسم لك لأن الحياة ترفض وتكره العبودية وتعشق الإنسانية ولاتقف بوجهها، لأن الحياة ذكية وتعرف أن الإنسانية تجعل منها شيء رائع يستحق الحب والمقاومة من أجله والدفاع عنه.