تجربة :

تجربتي مع الصداقة بصفة عامة والعلاقة مع الآخرين لم تكن موفقة، ودائما تسائلت حقا هل هنالك صديق قد لا يتخلى عنك ولو كنت شوكا بين يديه ..

في بداية مراهقتي ، كانت أعرف بين كل أصدقائي بشخصيتي المنفتحة، والاجتماعية إلى أقصى حدود، وكان العديد يحسدون طريقتي لتكوين صداقات بشكل سريع وبشكل كبير، فقد كنت أعرف معظم تلاميذ أقسام مستواي، وبعض الأحيان أكبر مني.

في العديد من المرات حين أرافق أمي في مشواريها ألتقي العديد من الفتيات، وكلهن يعرفنني، بدأت أمي تتخوف من هذا الانفتاح، وأخبرتني أنه يجلب المشاكل أكثر من المنافع، لكنني لم آخذ كلامهما من باب الجدية، واستمررت على حالي، وكنت الحق أسقط في مشاكل كثيرة ومع العديد من الفتيات وأتجاوزها، فالطبيعة البشرية اجتماعية وحتى لو تأذت تعتبر ذلك جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية، هذا ما آمنت به وجعلته مبدأ.

وما إن أصبحت في الجامعة توسعت دائرتي إلى شكل أكبر وأوسع ، فالجامعة تضم كل أنواع وأشكال البنات والناس بصفة عامة ، أصبحنا مجموعة كبيرة ، وكلما تعددت الأشخاص إلا وكبرت معه المشاكل ، لم تصبح المشاكل بسيطة ، بل بدأت ترتفع مستوايتها للغاية ، وأصبح تدخل العائلات في بعض الأحيان مقبولا.

وقتها أدركت أن الابتعاد هو الخيار الأمثل، لذا آثرت الابتعاد شيئا فشيئا ، لاحظت أن معظم العلاقات ليست بذلك العمق الذي نراه في الأفلام التي تروج للصداقة ، ونراها رابطا مقدسا، بل من أول موقف بدأت تشققات وتصدعات وطفت في السطح مشاعر الغيرة والحسد، وتبادل الاتهام، انسحبت منهن.

بدأت أتعرف على الوحدة، وكم وجدتها جميلة هادئة، بعد تخرجي قلت معارفي وأصبحت علاقاتي سطحية، لليوم لا أمتلك ولو صديقا واحدا، لا أعلم لما يروجون للوحدة كونها شيئا سيئا، بل هي نعمة عظيمة، كانت فرصة للتعرف على نفسي بشكل أكبر وطورت الكثير من مهاراتي.

هذا ليس تشجيعا للفردانية، لكنها الحقيقة المؤلمة، ومساهمتي محصورة في الصداقة فقط، أما العلاقات العميقة بين الأسر غير مشمولة بالطبع بالحديث ..

برأيك هل هناك بالصداقات من يستحق أن نقاتل من أجله، أم الصداقة الآن لم تعد كما نتمنى؟