قبل 10 سنوات ونصف بالضبط، كانت رحلتي مع أكاديمية تدريب كبرى في الوطن العربي على وشك أن تنتهي قبل أن تبدأ.
كمقدم خدمات تسويق متخصص، اتخذتُ خطوة جريئة ومحفوفة بالمخاطر. بدلًا من اتباع القنوات الرسمية، قررتُ النزول بالباراشوت والتواصل مباشرة مع رأس الهرم، كبير الشركة. أرسلتُ بريدًا إلكترونيًا مباشرًا إلى صاحب الشركة، وهو شخصية عامة يتابعها الملايين. جلستُ أعدّ الرسالة لأكثر من 4 ساعات، أنقّح وأدقق وأعزز قيمتي كخبير. لم أقدّم نفسي كمسوق عادي، بل قمتُ بتشخيص دقيق لمشكلة التسويق التي تواجهها شركتهم، مع شرح رؤيتي لحلها.
أرسلتُ رسالتي في الرابعة فجرًا، وامتلكتني الرهبة من إرسال رسالة لشخص بمكانته من شخص لا يعرفه. لكن، عند الساعة الثامنة والربع صباحًا، وصلتني المفاجأة.
صاحب الشركة شخصياً قرأ رسالتي وأُعجب بالتحليل وطلب عرضًا فنيًا وماليًا فورًا. بعد أسبوع من النقاشات مع مدير شركته، أغلقتُ أكبر صفقة لي حينها بقيمة 10,500 دولار.
كانت بداية قوية، لكن التحدي الأكبر كان بانتظاري.
التحدي الأول: صراع "الإعلانات المباشرة" مقابل "المحتوى"
كان مدير الأكاديمية يرفض فكرة إنشاء مدونة، وهي في صميم استراتيجيتي للتغيير. موقفه كان واضحاً: "الناس لا تقرأ". كان يرى أن التسويق هو مجرد إعلانات مباشرة.
لم أجادل. قررت أن أجعل الأرقام تتحدث عن نفسها.
خطوتي الأولى: إثبات القيمة عبر "الفانيل"
بالنسبة لي، المدونة ليست مجرد مقالات، بل هي نظام متكامل لجذب العملاء، وهي جوهر منهجية الـ Inbound Marketing. قلتُ له بشكل صارم: "أنا أتحمل كامل المسؤولية".
- أنشأتُ أول مدونة متخصصة لهم.
- صممتُ كتيبات رقمية (Lead Magnets) وأنتجتُ فيديوهات تعريفية لكل دورة، مع رسائل بريدية (Email Sequences).
- بدأتُ ببناء قوائم عملاء محتملين متخصصة لكل مجال تدريبي.
خلال أسابيع قليلة، بدأ المدير يلاحظ ارتفاعًا في عدد الزوار والتفاعل. كل قطعة محتوى تحولت إلى أصل استراتيجي يجذب عملاء محتملين جدد ويحوّلهم إلى مشترين حقيقيين، حتى هذه اللحظة.
النتائج:
- في 6 أشهر فقط، جمعنا الآلاف من العملاء المحتملين ضمن فانيلز متخصصة.
- تحول آلاف منهم إلى عملاء فعليين، بمتوسط طلب يبلغ 95$.
- ارتفعت المبيعات الإجمالية بشكل كبير مع طرح دورات جديدة، وأصبح لديهم نظام مستدام لتسويق أي دورة.
- تم بناء قاعدة بيانات ضخمة ومتخصصة أصبحت كنزًا حقيقيًا للأكاديمية.
بعد أكثر من عقد من الشراكة
اليوم، وبعد أكثر من 10 سنوات، لم تعد الأكاديمية تعتمد على الإعلانات العشوائية. أي دورة جديدة تُطلق تصل مباشرة إلى جمهور مهتم ومستعد للشراء، مع فانيل خاص بها.
ما أريد قوله:
الاستثمار في المحتوى والفانيلز ليس رفاهية، بل هو أساس لبناء مشروع مستدام وقادر على النمو، حتى لو كانت هوامش أرباحك قليلة، ستجد أثره بشكل تراكمي، لكن لا تعتمد فقط على الأوتوميشن والايميلات وإنما أدخل التشات بوت والويبنرز وغيرها من الطرق الحديثة لتطوير تسويقك وإبهار عملاءك.
وكمسوّق، تعلمتُ أن التفكير خارج الصندوق والوصول إلى الشخص المناسب في الوقت المناسب يمكن أن يغير قواعد اللعبة. أحيانًا، الطرق غير التقليدية تنجح بشكل لا يُصدق... واستخدم Cold Calling للوصول إلى العملاء المهمين التقليديين.
بالتوفيق للجميع ولكل مجتهد نصيب
التعليقات