هناك مدرستان فكريتان متناقضتان, الأولى تدعو إلى التخطيط المطوّل والصقل المسبق قبل إطلاق أي مشروع، والثانية، التي يؤمن بها مارك زوكربيرغ، تؤكد أن الإطلاق السريع هو مفتاح النجاح، حتى له مقولة شهيرة - تحرك بسرعة وحطم الأشياء- لأن السوق وحده هو الذي سيحدد ما يستحق التطوير وما يجب التخلي عنه.

فيسبوك نفسه كان مثال صارخ على هذه الفلسفة. لم يكن في بدايته الشبكة الاجتماعية المتكاملة التي نعرفها اليوم، بل مجرد منصة بسيطة لطلاب جامعة هارفارد. لم ينتظر زوكربيرغ حتى يصنع المنتج المثالي، بل أطلق شيئ يكاد يعمل، ثم راقب سلوك المستخدمين وأضاف الميزات تباعاً. هذه الطريقة لم تكن مجرد مصادفة، بل استراتيجية واعية, السوق هو أفضل مختبر، والمستخدمون هم أصدق نقّاد التطوير.

لكن هل تصلح هذه الفلسفة للجميع؟ إطلاق منتج غير مكتمل في بعض الأحيان قد يكون كارثي، مما يجعل البعض يجادل بأن الإتقان أولًا هو السبيل الوحيد لضمان النجاح.

ورغم ذلك، فإن التردد المفرط والسعي وراء الكمال قد يكون عدو الابتكار. بعض المشاريع تموت قبل أن تبدأ لأن أصحابها ينشغلون بالتحليل والتعديل إلى ما لا نهاية، حتى يفاجَؤوا بأن السوق قد تغير، أو أن منافس أقل تردد قد سبقهم واحتل المساحة.

فأين يقف الحد الفاصل؟

إذا كان الإطلاق السريع يمنح فرصة لتطوير المنتج في بيئته الحقيقية، لكنه في الوقت نفسه قد يؤدي إلى طرح منتج غير جاهز يضر بسمعة الشركة، فكيف يمكن لرواد الأعمال أن يحددوا متى يكون الإطلاق السريع نعمة، ومتى يكون لعنة تعجل بفشل المشروع؟