هل المساحة الآمنة .. آمنة حقا؟

الجواب يتحدد بحسب الأفق الاستثماري المُتخيّل عند المستثمر، ما الذي أعنيه بهذا الكلام؟ إذا كنت تريد أن تكون أرباحك عالية جداً على المدى القصير فهذا بكل تأكيد يحتاج مخاطرات عالية جداً، لماذا؟ لإنّ المستثمر بكل بساطة هنا سوف يقرر عدم وضع أمواله في أيدي بنوك تضمن له ربحية معيّنة لقاء مشاريع التي سيدخل بها في أمواله وتكون ربحية هذه الأموال بنسب محددة مسبقاً، كشهادات الاستثمار مثلاً الذي تطرحها البنوك. لن يقوم بالاقتراب من هذه الشهادات والطروحات، بل سيحاول أن يدخل في أمواله ضمن تجارات تحاول شراء وبيع أمور من سوق إلى سوق (وهذا سيجعله عرضة لتحكّم الأسعار وتبايناتها ومطلوبية المنتج) أو سيقوم وهذا الأخطر طبعاً بالمضاربة ضمن البورصة والأوراق المالية، التي تحقق فعلاً أرباح كبيرة ولكن بالمقابل خساراتها عالية

حتى المساحة الأمنة في مجال الإستثمار قد تحتمل هي الأخرى بعض المخاطر والتعثرات، وأريد تضمين مثال على ذلك، يمكن أن نستخدم مثالًا يتعلق بالعقارات كاستثمار آمن، فعندما تقوم بشراء عقار للاستثمار به، قد تواجه مخاطر مثل تغيرات في السوق العقارية أو تدهور في الحالة الاقتصادية العامة، أو اندلاع الحروب أو كارثة طبيعية بالمنطقة، مما قد يؤدي إلى تقليل قيمة العقار أو صعوبة بيعه بسعر جيد، فعلى الرغم من أن العقارات عادة ما تعتبر استثمارًا آمنًا، إلا أنها ليست خالية من المخاطر، ويجب على المستثمرين فيها أخذ هذه المخاطر في الاعتبار عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية.

خوض المخاطرة، أو اللعب في المساحة الآمنة، لأن الكثير جدا يميل إلى الآولى بواقع التجارب الفعلية لروادها، هذا تقريبا هو أساس تمييزك على أنك رائد/ة أعمال

المخاطرة هي جزء من عملية الاستثمار، لكن الأهم أن تكون مخاطرة محسوبة العواقب، ويرتفع أو ينخفض سقف المخاطرة وفقًا للقدرات المالية والقدرة على تحمُّل توابع تلك المخاطرات، فليس من المنطقي أن يبالغ صاحب مشروع صغير محدود الميزانية في المغامرات التي قد تودي برأس ماله، مهما اختلف شكل أو مضمون المغامرة، فمثلا مشروع ناشئ بدأ بتحقيق أرباح جيدة في بدايته واستطاع أن يوفق ميزانيته المحدودة، فقرر صاحبه أن يغامر بالتوسع بفروع جديدة بحجة أن المشروع ينجح ويحقق أرباح، والتوسع سيزيد أرباحه، والحقيقية أن تلك المغامرة توجه مشروعه نحو الفشل، لأن المخاطرة غير محسوبة، فالتوسع والنمو له تبعات والتزامات مالية ستتضاعف وتلاحقه، والمشروع لا يزال ناشئًا.