تذكرت موقفاً صادفته مرة خلال عملي بإحدى الشركات الرائدة في مجالها والتي تقدم منتجات ذات جودة عالية، وكنت حينها مساعداً للمسؤول عن إدارة الجودة.

واجهت الشركة تحديًا غير متوقعٍ، و هو انخفاض ملموس في طلبات الزبائن أذكر أنني تحدثت حينها مع المسؤول عن قسم الجودة حول هذا التراجع، واستغربت من تفضيل الزبائن للشراء من شركات تقدم منتوجات أقل جودة. فكان رده صادماً لي.

قال لي: "مهما كانت جودة المنتج، الحقيقة هي أنه لن يتم شراؤه إذا لم يكن العميل يرغب به أو يعتقد أنه لا يحتاج إليه، فلن تقنع أحدًا بأنه يرغب في شراء ما تقدمه له ما لم تفهم بوضوح ما يرغب فيه حقًا عملاؤك".

في تلك اللحظة، أدركت ولأول مرة بأن شركتنا كانت تركز جل اهتمامها على الجودة دون أن تتساءل عما يرغب فيه العملاء حقًا. هل هم يريدون منتجًا عالي الجودة فقط، أم يبحثون عن جوانب أخرى يجب التركيز عليها؟ فالشركة التي كنت أعمل بها لم يكن لها اتصال مباشر بالزبائن، بل كانت تقوم بالبيع لوسطاء همهم الوحيد أن يحصلوا على نفس المنتج بنفس الجودة.

بدأنا ندرك وقتها أن الشركة كانت تعتمد بشكل رئيسي على مدى مطابقة منتجاتها للمعايير العالمية للجودة، دون بناء علاقات مباشرة و حقيقية مع العملاء. وهنا أدركنا أهمية تطويراستراتيجياتنا و تبني تحسينات استنادًا إلى التوجهات الحالية للزبائن وما يرغبون به حقاً ..

الذي أدركته من خلال هذه التجربة أن الجودة وحدها ليست كافية لنستجيب لتفضيلات العملاء بفعالية أكبر وضمان نجاح المنتج. ولذا سأطرح سؤالين للنقاش :

هل يمكن طرح منتجات ذات جودة عالية وتحقيق تواجد ناجح في السوق دون أن تبني علاقة مباشرة مع العملاء؟

أتساءل أيضاً عن كيف يمكن للشركات تحسين استراتيجياتها لفهم أفضل لاحتياجات الزبائن والتفاعل مع التغييرات في السوق؟