من الجيِّد لأي عمل تجاري أن ينسجم في قِيمه وأفكاره مع جمهوره المستهدف.

أحبُّ رامز جلال، أشعر أنّه خفيف دم حقًا، وهو ممثل بارع، لكنّه في الآونة الأخيرة بدأ يقدِّم محتوى مختلف قليلًا عمّا تتوقّعه في شهر رمضان.

ربما تعوّدنا على برامج المقالب في هذا الشهر، رغم أنّها لا تنسجم تمامًا معه، لكنّ رامز في مرحلة سعيه للتميّز في نوعيات المقالب، يلجأ إلى ثيمات، أغاني وتصاميم وحتّى نوعية مقالب لا تنسجم مع روح الشهر، لا تنسجم مع الهدوء، الرحمة وتأمّلات الشهر الفضيل.

حتّى الذي يشاهده ويتابعه بشغف، يشعر بعد انتهاء الحلقة أنّ هناك خطأ ما، يشعر بتأنيب ضمير لا يشعره عادة مع بقيّة البرامج.

في البداية، تعالوا نفهم لماذا يجذب البرنامج أصلًا جمهور كبير ما دامت روُحه لا تنسجم مع الشهر؟

الإجابة تكمن في حالة الانفصام الي يعيشها المشاهد العربي، ما بين مشاهدته شيء لا ينسجم مع رمضان، وبين رغبته في رؤية مقالب خطرة لفنّانين يشعر أنّهم يستحقون أن يشاهدهم يتعذّبون على الأقل لنصف ساعة أمامه.

لكن هذا الانفصام لا يستمر لمدى طويل، حين يصرخ فلان أنّ "العملية اتفتحت" يشعر المشاهد بالعار مباشرة، يشعر أنّه بتأنيب الضمير أنّه شاهد أمرًا لا ينسجم مع مبادئه وقيمه.

البرنامج مذنب في دفعه المشاهدين لمثل هذا الشعور، فهو بشكل صريح فشل في فهم سياق تفكير الجمهور في هذا الشهر، فشل في التفكير في قيِمهم وثقافتهم، وفرض أجندته الخاصّة، ورؤيته الحداثية لبرامج المقالب بشكل اجباري، معتمدًا على نجاحات المقدِّم السابقة، وماكنة اعلامية ترويجية هي الأكبر في الوطن العربي.

السؤال الذي يأتي بعده، ماذا نتعلَّم من أخطاء البرنامج؟ ما الذي تستطيع أن تستنجته الشركات والمشاريع من هذا الشعور الذي يتولّد لدى المشاهدين؟ في النهاية، إذا كان رامز ينجو كلّ مرة بسبب نجاحاته السابقة، فميدان ريادة الاعمال مختلف تمامًا، والخطأ فيه أسرع عقوبة.

1- اعرف جمهورك! يجب أن تفهم احتياجات وتفضيلات وتوقّعات الجمهور. قسِّمهم حسب الرقعة الجغرفاية، حسب تفاوتهم النفسي وتصرفاتهم، انشئ شخصية مستخدم Personna، رامز لو فكّر بشخصية المشاهد الذي سيشاهده، لما قدّم برنامجه هذا أصلًا، هذا البرنامج فاشل تمامًا من ناحية صياغته وفق الجمهور، لكنّي أكرّر أنّه ينجح بالنجاحات السابقة، وبالمكائن الاعلامية كلّ مرّة.

2- اعرف السياق! حلّل المحيط الخارجي للفترة التي ستطلق فيها مشروعك، حلّل الفرص والأخطار التي قد تؤثّر عليك. فكّر بالأمور السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية وحتّى الروحية للمستخدمين، فليكن نتاجك متكيفًا مع كلّ هذا.

3- اعرف قيمك! عرّف قيمتك كشركة، وحاول توصيلها بشكل بشكل ثابت وشفّاف للجمهور. لو غنّيت بأغنية راب، وثيمات تشبه ثيمات طقوس عبادة الشيطان في القرون الوسطى، مع لمسات حديثة جدًا في المونتاج، وتردّد "صلِّ صلِّ على الحبيب" في هذه الكلمات، فأنت قد أخطأت تعريف قيمك، وأخطأت في توصيلها للناس.

4- اعرف أثرك! حاول أن تقيّم ناتجك من الطريقة التي يؤثّر فيها على الجمهور، حين يغلق المشاهد تلفازه، وهو يشعر أنّه ارتكب معصية ما بمشاهدة البرنامج، فليس هذا الأثر الذي تريده على المستخدمين.