كثيرًا ما نسمع مُصطلح (علم إدارة المشروعات)، فما هذا العلم؟ ومتى نشأ؟ وهل الحاجة إليه مُلِحة أَم أنه ليس من الأهمية بمكان؟ في هذه المساهمة سنحاول التعرف أكثر على علم إدارة المشروعات محاولين الإجابة على هذه الأسئلة التي تدور في الأذهان.
مفهوم "إدارة المشروعات" بشكل مُبسط، أنه علم يتعلّق بعملية إدارة وتنظيم الموارد المتاحة في المشاريع، بشريةً كانت أو خاماتٍ مادية، وذلك بطريقة يمكن من خلالها تحقيق أقصى استفادة من هذه الموارد، كزيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف، بهدفٍ نهائي هو (إنجاز المشروع بنجاح) في ظل مُراعاة عوامل الجودة والوقت والتكلفة المتاحة.
الباحث منا في جذور نشأة هذا العلم، يجد أنه نِتاجٌ لما بدأ من النصف الأخير من القرن التاسع عشر، عندما كان عالم التجارة يخطو الخطوات الأولى ليكون ليس بالبساطة المعروفة آنذاك، وأصبح يزدادُ تعقيدًا شيئًا فشيئًا، فصرنا نرى مشاريع حكومية واسعة النطاق، ففي الولايات المتحدة، كانت السكك الحديدية التي تعبر القارات، المشروع الحكومي الضخم الأول بالمعنى الحقيقي، وقد بدأ إنشاؤه في الستينيات من القرن التاسع عشر، وفجأةً، وجد قادة التجارة أنفسهم يواجهون مهمة ثقيلة وهي تنظيم العمل اليدوي لآلاف العمال ومعالجة كميات غير مسبوقة من المادة الخام وتجميعها.
وضعت دراسات فردريك تايلور (1856-1915) التفصيلية حول العمل، الإسهام الأكبر في بداية ظهور "علم إدارة المشروعات"؛ فقد قام بتطبيق المنطق العلمي على العمل، عن طريق إثبات أن العمل يمكن تحليله وتحسينه بالتركيز على أجزائه الأساسية، وذلك بالتخطيط والترتيب الجيد للعمل، وقام بتطبيق نظريته على المهام المتعلقة بأفران الحديد، مثل تجريف الرمل وحمل قطع الغيار ونقلها، وذلك في زمنٍ كانت الطريقة الوحيدة فيه لتحسين الإنتاجية هي مطالبة العمال بالعمل الشاق ولساعات أكثر، فأدخل تايلور مفهوم العمل بكفاءة أكبر، بدلاً من العمل الشاق ولوقت أطول.
لقد ساعد تايلور وغيره في جعل إدارة المشاريع وظيفة عمل مميزة، تتطلب الدراسة والتخصص، ومنذ ذلك الحين أخذ هذا العلم يتطور ويتبلور، كنِتاج طبيعي للتقدم التكنولوجي الهائل، فصار العالم يزداد تعقيدًا، وصار لابد من علمٍ مواكبٍ لهذا التطور الحاصل، حتى تكون الموارد تحت تحكمنا وتصرفنا، فاليوم صارت له أبحاث ومراجع وشهادات وهياكل مؤسسات كاملة.
هل ترونَ الممارسة والخبرة العملية تكفيان لإدارة المشاريع؟ أم أن المعرفة النظرية لمثل هذا العلم شيءٌ لا غنى عنه؟
التعليقات