هذه المرة أسدل الظلام أثقل ستائره مستعيراً بأقمشة كل خيمة في رفح..

وزاده في ذلك انقطاع التواصل وانقطاع التيار.. ظلمات فوق بعضها كفيلة لتستر فعلة الكيان الغاشم

الذي راودته نفسه غرس نابه في جسد طفل ليوقف ضجيج بكائه فحالت تلك الأنياب بين الجسد والرأس..

ليكون شبحاً بارد الأطراف كبرودة أول أيام نوفمبر يتقوقع ويلوب ويهتز بين يدي والده أمام كمرات التصوير وأمامنا دون رأس..

مع كل صوت رصاصة ترتطم بسواه نزداد عجزاً، مع كل طفل يلتقط ثدي امه خوفاً وجزعاً لاجوعاً، نزداد قلة حيلة..

ليلة لا خير يرتجى من نومها، تهيج في جنباتها أفئدة مفزوعة تترقب الموت أن يأتيها من طرف خفي وأخرى ناسكة ترتجي الخلاص الموعود، وآلاف الشهوات المسعورة للقتل....

فتاة في مثل عمرنا تبحث في أركان خيمتها عن شمعة أو "قداحة" تطعمها النور وتقرئها السلام والأمان لكنها لم تجد، فاختارت زاوية تكوم بها جثتها ليسهل انتشالها اذا وافاها أجلها، وفلاح أمسك المذياع القديم بأنامله المشققة كالصخر وراح يهزه ويستجديه عله يقول هنا رفح، هنا القدس..هنا القاهرة...اذاعة دمشق.. راديو مونت كارلو ...ولكنه أبى أن ينطق ببنت شفة، أبى أن يصارع معهم أبابيل ليلتهم الموحشة..

ألم تكن القضية مغروسة في كل مذياع؟؟

وفي كل صحيفة وفي كل تلفاز وفي كل موضوع إنشاء ولوحة وقصيدة، لماذا ورغم تطور كل مابين أيدينا لايخرج من أحشاء هذه الأجهزة صوت محتج... يستطيع تسريب الحدث إليهم قبل وقوعه ليبدد خوفهم ويعطيهم حق التشهد والركض على الأقل.

ألسنا نحن الرأس المستهدف والجثة المكومة في المرحلة المقبلة، أم أننا لا نحسس على رؤسنا إلا إذا وصل البلا إلى بيوتنا؟!