عندما أقول: لقد رأيت القطة التي قُطع ذيلها البارحة، فربت على ظهرها، فهذا الحدث لا يعتبر قصة 

لكن إذا قلت: لقد رأيت القطة التي قطعت لها ذيلها البارحة، فربت على ظهرها، فهذة تعتبر قصة، لأن فيها عدة عوامل غيرت من طبيعة الحدث وهي كالتالي:

الفارق الاول بين الحدثين هو:

العلاقة والرابط بين عناصر القصة 

في المشهد اللأول: لا توجد علاقة بين الطرفين لذلك لم يتولد تفاعل من القارئ معها، بعكس الرابط الشخصي الموجود في المشهد الثاني والذي ساعد القارئ عن تكوين صورة أعمق عن الحدث وعزز من قردته على أخذ موقف من القصة؛

وهذه هي فائدة الربط في القصص، حيث أنه يساعد على جعل القارئ متفاعلًا مع الحدث بشكل يثير فضوله لمعرفة المزيد. 

الفارق الثاني بين المشهدين هو:

تباين المعاني بسبب اختلاف الضمير

في المشهد الأول نُسب فعل قطع الذيل إلى مجهول غائب لم يرد ذكره في القصة، بل تمت الإشارة إليه فقط، مما اعطى لفعل التربيت على ظهر القطة معنى لطيف في ذهن القارئ، يدل على رحمة البطل بالقطة المسكينة. 

على عكس المشهد الثاني تمامًا الذي نَسب فيه البطل جرمية قطع ذيل القطة إلى نفسه، مما يؤدي إلى صدمة القارئ، كون الراوي في المشهد داخلي بضمير المتكلم، وهذا يجعل المتلقي يعتقد أن بطل القصة غير نادم على فعلته، بسبب اعترافه المباشر بها، مما يعطي فعل التربيت هنا معنًا مغايرًا عن المشهد الاول، ويقرنه هنا بالشر والنية الخبيثة وانعدام الرحمة. 

أما الفارق الأخير بين المشهدين وهو:

إثارة الفضول والتساؤل 

حيث يجيب المشهد الأول على معظم تساؤلات القارئ فلا يدع إلا سؤالاً واحدًا فقط متوسط الأهمية وهو السؤال عن قاطع ذيل الهرة، وهذا السؤال ليس بالقوة التي تحمل القارئ على إكمال الحكاية. 

على عكس المشهد الثاني الذي يفجر الأسئلة في عقل القارئ، ويحمله على التأمل في هذا الفعل المتناقض، فيسأل عن سبب قطع البطل لذيل القطة ثم تربيته على كتفها، ولماذا لم تهرب القطة منه، والكثير من التساؤلات التي تدفع القارئ لإكمال القصة. 

وهنا يجب أن أقول أن لعبة الغموض في القصص ليست صعبة، لكنها بالتأكيد تحتاج إلى تأمل وتفكير في الطريقة التي يود بها المؤلف أن يحمل القارئ على إكمال القصة للنهاية، وهو ما اسميه هندسة غموض القصة من خلال فن خلق السؤال.