كيف تمكنت لاعبة كرة السلة آية سعد وهي لم تتجاوز العشرين عاماً أن تترك أثراً بين أقرانها أو تكون ملهمةً للجيل الأصغر منها؟ 

قد يبدو من السهل أن يصبح الإنسان قدوة هذه الأيام! 

ولكن… 

كيف سيتحقق ذلك في ظلّ نقص الموارد التي تسهل عملية النمو والتطوير الذاتي؟ 

لقد ألهمتني قصة لاعبة كرة السلة آية سعد أن أجيب هذا السؤال.

لاعبة كرة السلة آية سعد 

هي المثال الأفضل التيّ أود أن أشاركك قصتها ، والّتي جسدت قدرة الشابات على الإبداع والتنوع. فبعد أن شاهدت مقابلتها التلفزيونية ضمن برنامج تلفزيوني حول الشابات السورييات الأكثر تأثيراً ، تواصلت معها لمعرفة الطريق إلى النجاح.  

الأسرة حجر الأساس

"لم يمرّ يوماً منذ أن بلغ عمري خمس سنوات ، إلّا واصطحبتني خالتي رشا سكران (كابتن منتخب سورية لكرة السلة) إلى تدريباتها مع فريق السيدات." - لاعبة كرة السلة آية سعد. 

هكذا عنونت آية سعد قصتها ، حيث نسبت الفضل لخالتها وقدوتها رشا سكران ، والّتي كان لها الدور الأكبر في تكوين مبادئ العطاء في شخصيّة اللاعبة آية سعد ، والتي لم تكن في ذلك العمر تعي تماماً مبادئ الاحتراف. إلّا أنها ظلّت تراقب براعة خالتها إلى أن صارت لاعبة مثلها ، بعمر ثمان سنوات ، في نادي الساحل بمدينة طرطوس السوريّة.

فضول الأطفال في اكتساب المعرفة

وكغيرها من الأطفال ، أحبت لاعبة كرة السلة آية أسعد تقمص شخصيات كرتونية ، تعزز بها سماتها الشخصيّة. لكنها لم تقم بذلك بشكل عبثي على الإطلاق. فبعدما أهدتها خالتها قصة Full-Court Press للاعبة الأمريكيّة إيلينا ديلي دون (elena delle donne) الّتي لعبت في الدوري الأمريكي للمحترفات WNBA. أصبح للاعبة آية سعد قدوة أخرى تتبع فكرها وأسلوبها ، وخاصة مهاراتها في التصويب وتسجيل الكرات، والّتي توجتها بلقب هدافة دوري المدارس في مدينة طرطوس.

على الرغم من أن لاعبة كرة السلة آية سعد لم تتوقف عن التمرين يوماً في التسديد بمختلف التحركات والوضعيات. إلّا أنها أدركت أن التصويب هو المرحلة الختامية لهجوم الفريق ، والذي لا يتحقق إلا بالتعاون والتوافق بين أفراده. 

دفعها ذلك وبشكل أكبر ، أن تطور مهاراتها القيادية ، كي تحقق أفضل النتائج مع فريقها. إلى أن حققن المرتبة الرابعة في الدوري عام 2021 رغم صغر أعمار جميع اللاعبات مقارنة بباقي الفرق. 

الصعوبات وتحمل المسؤولية

على الرغم من تحقيقها مع زميلاتها المركز الرابع في بطولة الدوري السوري لكرة السلة ، لم تحظى بظروف مثالية على الإطلاق في دعم شغفها ورعاية إمكاناتها. حيث نجد أنه لا يوجد سوى ملعب كرة سلة واحد فقط في كامل مدينة طرطوس. وكأن كرة السلة قد تخلى عنها داعموها في هذه المدينة !

إن نقص الموارد الداعمة لتأهيل اللاعبات ، زاد العقبات على لاعبة كرة السلة آية سعد في الطريق إلى الاحتراف. لكنه في الوقت ذاته ، زاد من إصرارها لتنظيم الوقت حتى تتمكن من قضاء أكبر وقت ممكن مع كرة السلة. 

وكانت الوسيلة كي تحقق هي أن تسير على درب خالتها رشا سكران وتصبح مدربة كرة سلة للأطفال ، ما دفعها لخوض تجربة التدريب رغم صغر سنها مقارنة مع باقي المدربات ، في عام 2018.

المبادئ التي اعتمدت عليها لاعبة كرة السلة آية سعد في دروس كرة السلة للأطفال 

إن احتواء موهبة الطفل ليس بالأمر السهل على الإطلاق ، فهو لا يتطلب التعليم الأكاديمي فحسب ، بل يمتد ليشمل تعزيز علاقة المدرب مع الطفل.

"أشكرك على كلّ مرّة دعوتني إليها للتدريب ، لأنه لا يمكن أن يمرّ شهر دون أن أخبر أهلي عن تدريباتك التي علمتني إياها" - طفلة دربتها لاعبة كرة السلة آية سعد. 

لقد تعلمت آية سعد من مثلها الأعلى في كرة السلة ، إيلينا ديلي دون ، مدى أهمية تعزيز الروابط الشخصية مع الآخرين حينما كانت إيلينا تهتم بأختها ليزا المصابة بمشاكل صحيّة مستعصية.  

إن طموح آية سعد في مسيرتها المهنيّة لم يقتصر على تدريب الأطفال فحسب ، بل أصبحت في عام 2021 مساعدة لمدرب اللاعبات الناشئات تحت 18 عام بالدوري السوري. 

كيف استفادت آية سعد من البيئة الساحلية التي نشأت فيها؟ 

لقد علمت الظروف القاسية لاعبة كرة السلة آية سعد أن الذكاء يكمن في الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة. ويشمل ذلك جميع نواحي الحياة ، كالتطوير الذاتي أو تدريب وتأهيل للاعبات الصغار. 

وبما أن اللياقة وحدة متكاملة ، تعتمد على عدد من المهارات من رياضات مختلفة ، كان لا بد على آية سعد أن تتبع طريقاً جديداً ضمن بيئتها الساحلية ، وهو تدريب الإنقاذ البحري مع منظمة الهلال الأحمر. 

الاهتمام بالتنوع

"الإنسان بحاجة للتعلم في كل المجالات ، حتى يكامل الجمال فيها جميعاً" - لاعبة كرة السلة آية سعد. 

إن هذه العبارات تدلّ على شيء واحد. وهو تأثر آية سعد بجمال طبيعة البيئة الساحلية ، الّتي تمزج عناصر مختلفة كالجبال والبحر أو الشاطئ. ناهيك عن إصرارها على النجاح في عدد من المجالات في آن واحد.

لقد أدركت لاعبة كرة السلة آية سعد أثناء تدريبها للأطفال ، أن الطفل بحاجة إلى من يبرز نقاط قوته ، كي يكسبه الثقة. وكان شيء لخدمة ذلك الهدف هو التصوير الفوتوغرافي. 

من ذلك الحين ، شرعت في تعليم مبادئ التصوير والتصميم الغرافيكي ، فضلاً عن مبادئ التسويق الإلكتروني ، والّتي استخدمتها لتعزيز ثقة الأطفال التي كانت مثلهم الأعلى. 

كلمة أخيرة

"الأمر شاق حتماً ، لكن بسمة طفل يثق بنفسه تستحق دوماً" - لاعبة كرة السلة آية سعد. 

من قصة آية سعد ، لا بد أن نتعلم أهمية تبني مواهب الأطفال ، الّتي ستثمر حتماً لكي تستثمر طاقات أكثر وأكثر دون انقطاع.