أجدنِي مشدوداً إلى الماضي، ومنزاحا إليهِ، والذكرياتِ النديةِ. القديمُ بالنسبةِ لي هويةٌ مفعةٌ بالمعنى، مفعمةٌ بالإنسانِ. مع أني يقتاني فضولٌ مرهفٌ للحظاتِ القادمةِ، ومفاجآتِ المستقبلِ أحياناً.. إلا أني وإن كنتُ أجد ذلكَ الإحساس لأبقى مسكونا بشغف اللحظات العابرةِ، ومولعا بالبحثِ فيها، استمتاعًا بالحياةِ التي أبصرتُها في صورتها، دونَ "اكريماتَ"، و"فلترات" الأماني الطريةِ، والأحلام الشهيةِ، والآمالِ الجنةِ. التلاوات الكلاسيكيةُ، الكتبُ التي تنبع منها رائحة القدمِ، الأنوثة العفويةِ، الفنُّ والذوق الراقي...؛ أشياءُ لا أنفكُ يشدنِي إليها إحساسُ لذيذٌ، ورغبةٌ متقدة.

أقولُ الآنَ وأنا مسجى في سحبٍ من خواطر مختلطةٍ التمويهِ، ومزيج من حنين الماضي، وطراوةِ الحاضر، وألقِ المستقبلِ: إني أشتهِي من الماضي ذكرياتِ التعلقِ، ومن الحاضرِ حيرةَ اللحظة، ومن المستقبلِ نصاعةَ الخيالِ الطلقِ، وإن كنتُ لا أطيل التحليقَ في هذه المشاعرِ إلا أني أحسُّ فيها معنى الحياةِ، وسرَّ القلقِ المتردد في أعماقنا، والطموح المتوهج للعيشِ.

في زمنٍ قبل الآنَ كنا نعيش للمستقبلِ، نبني عليه الحياةَ، ونأمل فيهِ لنرممَ حطاماتنا من كبتِ الطفولةِ، والإذعانِ العامِ، ونحنُ اليومَ وإن كنا أكثرَ حريةً مجازا إلا أن ذلك الطفلَ الذي سكننا؛ ليأسى على حالنا لما وصلنا الانسدادَ/السراب الذي كان يصبو ليصلهُ، وهو يحسبهُ حقيقةَ/ماء الاستقلالِ.

أضيفُ -أيضا- كساردٍ خبرا، يريدُ أن لا يتبنى فكرتهُ، محاولا اختصارَ ما قيلَ: كأن حياتنا معادلةٌ مترابطةُ، أجزاؤها الماضي، والحاضرُ، والمستقبلُ، والنتيجةُ فهمنا الحياة واعتباراتِ هذا الثلاثي.

فماذا تريدونَ من الزمنِ؟