الآن الساعة الثانية عشرة ليلاً،أنا فى طريقى للمنزل.

أشعر بالتعب الشديد ،فقدماى لا تقوى على حملى.

أخذت فى التجول مع أصدقائى،لمدة تجاوزت الساعتين،ثم تناولنا العشاء بكورنيش النيل.

أخذت أصعد سلم العمارة التى أسكن بها ،فى ظلام دامس،وكل ما يدور بعقلى هو السرير ومكيف الهواء.

فتحت الباب لأجد أختى وأبى يهمون بالخروج.

سألتهم إلى أين؟،تجيبنى أختى بأنهم متوجهين للمشفى،فوالدى يشعر بالهمدان،وأرتفاع درجة الحرارة.

نزلنا على الفور متوجهين للمشفى،كنت فى أشد الحاجة للنوم،ولكن يجب أن أكون مع والدى.

وصلنا الأستقبال بالمشفى،وجدنا الطبيب والتمريض،

قام الطبيب بقياس الضغط،وكان معتدل.

طلبنا من الطبيب قياس سكر الدم لدى والدى،إستجاب الطبيب ،وطلب من الممرض إحضار جهاز قياس السكر.

كان سكر الدم لدى والدى سته وتسعون درجة.

لم ندر أنا وأختى،المقياس الطبيعى لسكر الدم.

سألنا أحد الممرضين عن مقياس سكرالدم الطبيعي .

تحجج الممرض بأنه لم يقيس سكر الدم لوالدى،فأخبرناه بمقياس سكر الدم لدى والدى،بدا الممرض جاهلاً،ولكى يغطى على جهله ،أخبرنا أن سكر الدم لدى والدى مضبوط.

سألناه مرة أخرى عن المعدل الطبيعي لسكر الدم،يرد بتلعثم بأن فى حالة الأكل يكون حتى مائة وثمانين طبيعي،أخبرناه بأن والدى أكل مذ ساعة،وأن سكر الدم لدىه سته وتسعون.

فرد الممرض بتلعثم"تمام".

تبادلت نظرات التعجب أنا وأختى،ولم نجد بدا من الصمت .

حضرت طبيبة الجهاز التنفسي ،وبدأت بسؤال والدى عن الأعراض التى يشعر بها.

وكان الحوار كالآتي:

الطبية :حضرتك حاسس بإيه.

والدى:حاسس بسخونة وقفة،جسمى مكسر ،وبعرق.

الطبيبة: طب حضرتك روحي بطعم الأكل ،يعنى مثلاً بتعرف تفرق بين الملح والسكر.

نظر والدى ورد بروح الفكاهة التى يتمتع بها"طبعا بعرف أفرق بينهم ،من أيام لما كنت فى الحضانة!!!!.

نظرت الطبية لوالدى بجدية،وتحدثت كأنها لم تفهم مزحة والدى"حضرتك أنا ما اقصدش كده".

بادر والدى الطبيبة بقوله"تاعبك معايا يادكتوره،ربنا يكرمك"، لم يكمل والدى كلامه، أعطته الطبيبة ظهرها وأنصرفت قائله"لحظة ورجعالك".

نظرت لأختى نظرة إستنكار،على قلة أحترام الطبيبة لرجل فى عمر والدها .

عادت الطبيبة لتطلب من أحد أفراد التمريض،أن يعط والدى محاليل خافضة للحرارة ومسكنة للألم.

لفت نظرى أن الطبيبة لم تسأل عن الأدوية التي يتناولها،أكتفت فقط بمعرفة الأمراض المزمنة التي يعانى منها.

حضر الممرض وبيده السرنجة ليحقن بها والدى بالوريد،بدلا من المحاليل .

بدأ الرجل بتحسس ساعد والدى،والضرب عليه برفق ،تحسسا الوريد.

كنت أقف بعيداً عن السرير،الذى يرقد عليه والدى بعشرة أمتار،حتى لا أحجب ضوء اللمبة النيون عن يد والدى.

فجأة سمعت والدى يصرخ بشدة،أقتربت مسرعاً من والدى،فلم أعهده من قبل يخاف أو يتألم من الحقن بهذا الشكل من قبل .

أقتربت من والدى لأجد ساعده أزرق،من غرز الأبر ،والممرض لا يستطيع حقن والدى بطريقة صحيحة.

كل ذلك لم يلفت نظرى بقدر عدم إرتداءة الممرض لغطاء الفم،وعدم أرتدائة القفاز الطبى ،و رائحة الممرض الكريهة،فهى خليط من العرق والبينج.

تحدثنا مع الطبيبة عن الحقن العضل لوالدى،بدلا من الوريد.

تناولت الطبيبة قصاصة ورق ،من على مكتب الأستقبال.

كتب مضاد حيوي للحقن بالعضل،و حبوب خافضة للحرارة.

ناولتنا الطبيبة القصاصة ،وتحدثت وهى تمط شفتيها بإمتعاض"على فكره البيعملة والدكم أوڤر".

هل ترى أن الكوادر الطبية بشكل عام بحاجة لتدريبهم على كيفية التعامل مع المرضى؟ وحاجة الكوادر الطبية للأختبارات الدورية،للتأكد من قدرتهم المهنية؟