و أنا أتفحص منشورات الأصدقاء، لمحت عينياي نقاشا مرتبطا بمفهوم الخطإ. فحاولت مقاربة الموضوع من زاوية بيداغوجية تعليمية. و طرحت على نفسي سؤالا :

- هل يمكن للمستقل أن يخطئ؟

الخطأ بالنسبة لي وسيلة أساسية للتعلم، و أداة للتطور الشخصي. لذلك ظهرت مقاربة حديثة في التعليم و هي "بيداغوجيا الخطأ". و هي تصور ممنهج لعملية التعليم والتعلم، تعتبر الخطأ ضرورة ابستمولوجية، وبدونه لا تتحقق المعرفة المرجوة. وذلك باعتبار أن كل حقيقة علمية ما هي إلا خطأ سابق تم تصحيحه، وبالتالي فالخطأ هو إيجابي في حياة المتعلم أي الإنسان، لأنه يترجم سعيه الدائم لبلوغ المعرفة وإحراز التقدم المعرفي.

إن الخطأ حسب غاستون باشلار ليس عثرة أمام التقدم والسير نحو الامام، إنما هو ضرورة بيداغوجية تمثل نقطة انطلاق المعرفة، لأن هذه الاخيرة لا تُمنح جاهزة بل تتأسس على مجموعة من الأخطاء التي تم تصحيحها.

من الناحية اللغوية الخطأ لغة، هو الابتعاد عن الصواب.

وحسب ادغار موران ( فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي )، لا عيب في ارتكاب الخطإ ، وإنما الخطأ في عدم تقدير الخطإ، لأن فهم الخطإ ومعرفة مصدره يوجهنا لا محالة الى إدراك نواقص المعرفة وبتصحيحها تتشكل المعرفة الكاملة.

والحقيقة في حقل المعرفة ليست أبدية، وإنما حقائق الحاضر هي أخطاء المستقبل، وكلما تطورت وسائل المعرفة كلما ظهرت حقائق معرفية جديدة تصحح أخطاء المعرفة التقليدية .

ومن البديهي أن طالب العلم أثناء تحصيله الأولي للمعرفة سيرتكب أخطاء تخص فهمه وإدراكه للمواد المدروسة، وهي أخطاء حتمية لابد منها، لذلك يرى الفيلسوف الفرنسي جان بياجيه أن "الخطأ شرط التعلم" وهذا دليل على أن الطالب يجتهد في بلوغ المعرفة. ومحاولاته الدائمة في معرفة المزيد تنتج عنها أخطاء متعددة، تأخذه نحو الفهم الصحيح.

ختاما نقول أن الخطأ ضرورة ابستمولوجية، وعلينا كرواد المعرفة تقدير الخطإ، من أجل المعرفة . و أن نسمح للمستقل بأن يتعثر و ينهض، لأن كل علماء اليوم، قد ارتكبوا أخطاء بالأمس.