عرضت عليّ دعوى أحوالِ شخصيّة، عندما كنت قاضياً بالمحكمة الابتدائية بالسيب بسلطنة عمان، كانَ فيها طلبٌ بثبوت نسب بنت، فكان الحكم – بفضل الله تعالى – نتاج بحث علمي – حول ثبوت النسب بالفراش، وأقصى مدة الحمل، ومسائل في اللعانِ:

وخلاصة ذلك، أولاً: فيما يتعلّق بثبوت النسب بالفراش: أنه "لا بدّ من بيان أنّ إلحاق المرأة بقوم من ليس منهم ونفي الرجل من عرف أنه ولده ورد فيه الوعيد الشديد؛ فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَلْحَقَتْ بِقَوْمٍ من ليس منهم فَلَيْسَتْ من اللَّهِ في شَيْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ أَنْكَرَ وَلَدَهُ وقد عَرَفَهُ احْتَجَبَ الله منه يوم الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ على رؤوس الْأَشْهَادِ) رواه ابن ماجه برقم 2743، ومن المقرّرشرعاً أنّ النسب يثبت بالفراش لقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: (الولد للفراش)، وعلى هذا جاء قانون الأحوال الشخصية طبقاً للمادة (70)".

وثانياً: فيما يتعلق بأقصى مدة الحملِ: "أنه من المقرّر شرعاً أنّ أهل العلم اختلفوا في أقصى مدة الحمل فقيل: تسعة أشهر، وقيل: سنة، وقيل: سنتان، وقيل: ثلاث سنوات، وقيل: أربع، وقيل فوق ذلك،وقيل: لا حدّ لأقصاه، وقد اتفقت مقرّرات الطب الحديث على أنّ الحمل المعتاد هو أربعون أسبوعاً (280 يوماً)، وقد يتأخر وضع الحمل عن ذلك، بل بعض الدراسات الحديثة ذهبت إلى أن التأخر يحسب من بعد الأسبوع الثاني والأربعين (294 يوماً)، ونسبة حدوث ما يتأخر عن ذلك من الولادات تبلغ حوالي 10% من مجموع الولادات كمعدل وسطي، وجاء في إحصاء لبعض الدراسات أن 25% من الحوامل يلدن للأسبوع الثاني والأربعين (294 يوماً )، و 12% في الأسبوع الثالث والأربعين ( 301 يوماً )، و 3% يلدن في الأسبوع الرابع والأربعين ( 308 يوماً )، (ينظر تطور العلوم الطبية في تقدير مدة الحمل وأثره في القضاء الشرعي، د. السيد محمود عبدالرحيم مهران)، والذي جرى عليه قانون الأحوال الشخصية طبقاً للمادة (72) أنّ أكثر مدة الحمل سنة، ومن المعلوم أنّ السنة المقصودة هي السنة القمرية طبقاً للمادة (280) من القانون ذاته".

فلما كان ذلك، وكانت ولادة المدعية للبنت بعد مائتين وأربعة وثمانين يوماً بعد تطليقها من المدعى عليه، فلم تمضِ أكثر مدة الحمل قانوناً وهي سنة، بل لم تجاوز مدة الحمل المعتادة إلا بقليل، وقد كانت قبل التطليق فراشاً للمدعى عليه، وعليه قضت المحكمة بثبوت نسب البنت إلى المدعى عليه مع إلزامه باستخراج شهادة ميلاد وجواز سفر لها، والحكم يتضمّن مسائل تتعلق باللعانِ وبالحضانة وبالنفقة وتفاصيل أخرى.