الطائر لا يخشى انكسار الغصن أو السقوط من أعلى، لأنه يثق بجناحيه وقدرته على الطيران، حكمة قديمة ورائعة نحتاج دائماً تذكرها والعمل بها، الكثير منا يتعرّض لتقلبات الحياة، خصوصاً على صعيد العمل، أعتقد أننا لو نظرنا للأمور بنظرة مختلفة فستتغير حياتنا، وسنكتشف قدرات وطاقات لم نعتقد أننا نمتلكها، قد يكون فقدان الوظيفة هو بداية رائعة بل إجبارية أن نبدأ شيئاً جديداً.

أعرف زميلة فقدت وظيفتها وكانت مديرة التطوير والتدريب في شركة كبرى، ولم تتمكن من إيجاد وظيفة تناسبها، فتذكرت شغفها بالتدريس وحب الأطفال، فاشتركت في برنامج تدريبي مكثف لتتأهل كمدرسة، وبالفعل نجحت في التغيير وتعتبره من أفضل ما حدث في حياتها. صديق آخر كان يعمل بشركة طيران، وبسبب إعادة الهيكلة منذ بضعة سنوات تم إنهاء خدماته، لكنه لم يضيع وقت في البحث عن وظيفة أخرى وافتتح مكتب تدريب لتأهيل أطقم الضيافة والعاملين في مجال الطيران، وفي خلال خمس سنوات أصبح مكتبه أكاديمية من أفضل أكاديميات التدريب، وتعاقد مع جامعات وشركات كبرى ويعيش قصة نجاح، حتى في ظل جائحة «كورونا» تحول إلى التدريب عن بُعد،

ولايزال يحقق نجاحاً كبيراً.

هناك العشرات من قصص النجاح التي عاصرتها شخصياً، وأستطيع التأكيد أن السعي والعمل باجتهاد وإخلاص مع الثقة بالله عزوجل دائماً ما تؤتي ثمارها، وكما قال أحدهم: «كلما عملت باجتهاد حالفني الحظ»، لذلك لا يجب أن نتوقف أو نندب حظنا، «فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم». لابد أن هناك سبيلاً للبدء من جديد، لكن من المهم أن نستشير ونتعلم من تجارب الآخرين «فما خاب من استشار». كذلك لنطرق الأبواب ونطلب المساعدة ممن يهمهم أمرنا، فالمعاناة في صمت أو الحياء لن يساعدنا بل سيعوقنا عن التقدم والنمو، وسنتفاجأ دائماً من أن هناك أشخاصاً لديهم استعداد للمساعدة والوقوف بجانبنا لم نكن نتخيل أبداً أنهم يهتمون لأمرنا، وبالطبع سنتفاجأ من أن بعض الذين كان لنا عشم كبير فيهم هم أول من خذلونا، فلا تقف كثيراً أمام تلك الصدمات الصغيرة واستمر في العمل والتقدم.

كن كذلك الطائر الذي لا يهمه انكسار الغصن ولا يخشى السقوط، لأنه يثق بقدرته على الطيران وبجناحيه، ولنفكر ما هي الأجنحة التي نمتلكها ومدى قوتها وتحملها، وإن كانت تحتاج إلى تقوية ودعم، فيمكن ذلك من خلال التدريب والتعلم واكتساب مهارات جديدة وتطوير ما نمتلك من مهارات، إضافة إلى التعلم ممن لديهم الخبرة، وقبل كل شيء الثقة بالمولى عز وجل.

د. علاء جراد