أولا : من هو الشخص الفقير ؟؟؟ ، لا يختلف المفهوم الحالى عن العصور البائدة كثيرا لأننا مازلنا نتعامل مع ما يقارب المليار جائع فى العالم أو أكثر ، وأظن أن تلك النسبة كافية لتعريف الشخص الفقير فى العالم ، وهو الشخص الجائع أى الشخص الذى لا يستطيع الحصول على ما يسد رمقه من الغذاء يوميا ، و ذلك بالرغم من اعترافنا بأن كلمة شخص فقير ستختلف من شعب لآخر حسب مستوى الرفاهية ، ولكن مقياسنا هنا مقياس كلى لكل سكان العالم ؛ و عليه تم تحديد الأكثر فقرا بأنهم الأشخاص الجائعون حرفيا و ما أكثرهم فى دول أفريقيا و دول أخرى كثيرة و منها الهند .
و من البديهى هنا أن الشخص الذى لا يستطيع الحصول يوميا على مايسد رمقه من الغذاء سيركض ركضا نحو زيادة معدل ما يحصل عليه من الغذاء مع زيادة دخله ، ولكن ما يحدث على أرض الواقع أثبت أن هناك معايير أخرى لمجتمع الفقراء و منها على سبيل المثال لا الحصر :
1- وفقا للإحصائيات و البيانات التى استقاها مجموعة من الباحثين عن 18 دولة فقيرة فإن معدل إنفاق الفقراء مدقعى الفقر على الغذاء لا يتجاوز نسبة 30 % ممن يقطنون الريف و على النقيض فإن نظرائهم من أهل الحضر فى ذات المجتمع ينفقون على الغذاء ما يقارب نسبة 70 % و لا يرجع ذلك لكونهم ينفقوا الباقى على ضرورات الحياة و إنما يقومون بإنفاق الجزء الأكبر على ملذات الحياة التى من خلالها يستطيعون قتل الواقع البائس المحيط بهم ، فمثلا فإن فقراء أودايبور بالهند الذين لا يستطيعون الحصول على القدر الكافى من الغذاء ينفقون أغلب دخلهم المتواضع على المشروبات الكحولية و التبغ ، وهو الأمر الذى كان ملحوظا على كل الدول التى لديها فقراء بالمعنى المتقدم .
2- لوحظ زيادة الانفاق على الغذاء بالنسبة لأولئك الأشخاص مدقعى الفقر ومنها بعض القرى فى الصين ، ولكنها زيادة اتجهت نحو الأطعمة الأطيب مذاقا و الأكثر إضافة للتوابل و البهارات بغض النظر عن القيمة الغذائية لهذا الطعام ، و هو دأب الكثيرين فى الهند أيضا و ستجد شبيه ذلك فى مصر ، و لايهم هنا مقدار السعرات الحرارية التى يحتاجها الشخص .
هذه الملاحظات جزء بسيط من كتاب إقتصاد الفقراء للاقتصادى بانيرجيى استاذ الاقتصاد الدولى بجامعة فورد بأمريكا و الحائز على جائزة نوبل عام 2019 ، و المهم بالنسبة لى هنا : أن الواقع المرير للأناس مدقعى الفقر طوال الوقت هو ما يقود سياستهم الشرائية ، و ليست الحاجة فى شكلها المادى ، بل إن الأمر فى رأيى ما هو إلا رحلة بحث الفقير عن السعادة التى قد يجدها فى الدخان أو فى الكحول حتى ولو على حساب صحته أو غذائه فمن الممكن أن يزيد دخله لكنه يبقى فى محدود الغذاء ، هزيل الجسد ، وهو ما يفسر لى أيضا استفادة الكثير من الشركات من هذه النقطة تحديدا و استغلال الفقراء _( وإن كانت هذه الفئة أغنى نسبيا من فئة البحث ) بإيقاعهم فى مصيدة كبيرة من الديون من خلال الدعاية لمنتجات لو ربطنا على عقولنا لما اشتريناها لوجود ضروريات أولى و أهم ، لكنه البؤس الذى يقودنا إلى البحث عن السعادة حتى ول كانت للحظات حتى لو نتج عنها مصائب الدهر كله .
لذلك فإن مجتمع البؤساء له منطق آخر طوال الوقت و هو ما أفلح الكاتب فى شرحه جيدا و أظنه ينطبق على حياة الكثير من المصريين أيضا ، وأنت ما رأيك من خلال معايشتك لمجتمعك ؟؟؟؟
التعليقات