في الأسابيع الأخيرة طرأ على مسامعي ثلاث جرائم قتل لثلاث فتايات على مستوى الوطن العربي، فكانت البداية من مصر، ثم الأردن، واخيرًا بالامارات. ومرتكبي الجرائم كانوا من الجنس الآخر، والذين احتل اثنين منهم لقب عريس مرفوض، في حين كان قاتل الإمارات زوج قتل زوجته الفلسطينية بوحشية فقط لأنها طلبت الطلاق.
ليقف المجتمع حائرًا أمام هذا الواقع الأليم، متسائلًا لماذا؟ في حين حاول بعض أفراده، أو ربما أكثرهم ايجاد مبررات للقتلة، مبررات تلبسهم ثوب البراءة، ثوب الضحية لا الجاني. وكلها اندرجت تحت قول
أن المغدورة هي من دفعته لذلك. هي السبب فيما آلت إليه من مصير مأساوي، أما القاتل المسكين فهو مغلوب على أمره، دُفع دفعًا إلى هذا الفعل المأساوي بعدما أغلقت كل الأبواب في وجه، ولم يبق سوى هذا الباب.
لا أستطيع تحديد الوصف المناسب لهذا العته الذي ملأ رؤوس الكثيرين صراحة، ولكن ما استطيع قوله أن هذا شيء طبيعي جدًا لا يجب التعجب منه أو الاستغراب.
منذ ساعات كنت أشاهد مقطع فيديو لرجل مصري أجهض زوجاته الأربع تقريبًا ما يعادل 13 مرة، لأنهن كنا يحملن في بطونهن بنات، ورده كان (البنت ممكن تخليك تحني ضهرك وتجيب لك العار، إنما الولد لأ).
هذا باختصار نظرة المجتمع للرجل، والمرأة.
الرجل منذ طفولته مُجاب الطلبات، أخته وأمه يعملون في سبيل خدمته وراحته، يُسمح له بفعل ما شاء فهو شاب يفعل ما يحلو له. وعندما يصل إلى الزواج تخبره أمه بكل ثقة أن يختار من يشاء وهي ستزوجها له، وإن رفضت من أشار إليه تردد على مسامعه جمل مثل: هي الخسرانة، هي تطول تجوزك، دي مقشفة، دي مبقعة، دي لا تتشاف ولا تتعبر. وغيرها من الكلمات التي تشعر الرجل بأنه امبراطور العالم الذي لا يُرفض له أمر.
سار المجتمع على هذا المنوال قرون، وكانت الدنيا تسير دون مشكلات. إلا أن الوضع تغير كثيرًا؛ فالنساء صرن يُدركن حقوقهن التي كفلها الدين لهن من جهة، والقانون من جهة أخرى، بل وفوق هذا صار النساء يبحثن عن سُبل الوعي جمعاء، ويجمعنها على قدر الاستطاعة لنجد أن وعيهن في ازدياد في حين العكس في صفوف الرجال. لتظهر الحروب بين الجنسين.
حروب لجأ البعض فيها إلى القتل رفضًا لممارسة الجنس الناعم لحقه في الرفض، أو الطلاق. نحن هنا لا نتحدث عن ثلاث حالات فقط، بل نتحدث عن آلاف حالات القتل التي تُمارس في حق النساء في الوطن العربي أجمع. إن تابعنا الأخبار في مصر في السنوات الأخيرة سنجد العديد من جرائم القتل التي قام بها الرجال في حق النساء، ما بين زوج، لشقيق، لوالد، بل وحتى ابن. هذا لا يعني أنه لا قتل يُمارس في حق الرجال من النساء أيضًا، ولكن نحن نتحدث عن السواد الأعظم.
وسواء كان هذا أو ذاك فالأمر يحتاج إلى معالجة لا أدري لها سبيلًا ... ولكن كل ما أدركه الآن هو أن هذه الجرائم الثلاث ما هي إلا صورة مصغرة لواقع أسوأ بكثير مما نتخيل.
التعليقات