هو مثل الحصان وهي مثل المهر، هو تيس وهي ماعز، حيوانات تثب على بعضها البعض وابن آدم يراقب من بعيد، قوة رهيبة لا يقدر عليها، ورغبة مكبوتة لا يستطيع أن يحررها، لا يجد أمامه سبيل سوى ذلك الكائن المسكين، يقترب منه بالحشيش وخيرات الأرض فيبتسم له إبتسامة صفراء، "كل كل فاليوم لدي لك مهمة وسأكافأك إن أتممتها"، يمسك بصوف الكائن المسكين ويوجه طاقته نحو أي مستقبل يجده، ويصرخ الحيوان المسكين تحت يده فتزداد رغباته سادية، حتى تنفذ طاقته ويوجه ناظره إلى الحقول والمرعى، فيجد الخراف ترعى والتيوس تتناطح والحصان يقوم بمهتمته المقدسة، ويمسح العرق عن جبينه فيعيقه شيئ طويل لم يعهده قط، فيجد أنفه وفمه تمددا كالحصان، فيصرخ ليخرج منه صوت صهيل ويتراجع للخلف بخطوات مترنحة لم يعهدها، تطبع على الأرض علامات حوافر، وينظر لقدمه فيجد قدم تيس، ويقع على الأرض فلا يشعر بشيئ فالصوف قد حماه من الصدمة، بينما قرونه قد ارتطمت بالأرض وتكسرت، فلم تكن بصلابة قرون التيس لأنه لم يُخلق يومًا ليكون تيسًا ويغمى عليه ليستيقظ ويجد نفسه في المذبح ينتظر دوره ليذبحه أباه كما يذبح بقية الحيوانات، ويصرخ بعلو صوته فلا يخرج منه صوت يفهم، وتقترب السكين من رقبته ويظلم المكان، ليستيقظ ليجد أنه أغمى عليه من الشهوة فلقد كانت مرته الأولى ويعتبر ما حدث كان حلمًا ويسمع صوت أبيه يناديه ويفكر كيف يخفي جريمته، وكيف يراضي شريكه في الجريمة، ويركض لأبيه ليستمتع بتناول الغداء وهو لحم ضاني مشوي على الفحم.
منذ أيام أكتست الجرائد بكلمات "الفضيحة" "الإنتهاك الجنسي" و"الأطفال" بعد القبض على سياسي عربي ومستشار لعدة دول خليجية بحوزته ثلاث هواتف أيفون مملوءة بالمواد الإباحية للأطفال، بالتأكيد شكل ذلك صدمة عالمية وخاصةً في عالمنا العربي، ولكن التغطية الإعلامية -أو عدم التغطية إن أردنا الدقة- عتمت على هذا الخبر ولم تنشره أي صحيفة عربية معتبرة، بل تجنبته تمامًا ما عدا بعض وسائل الإعلام الحرة وعلى مواقع التواصل الإجتماعي.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يُلقي القبض فيها على هذا السياسي لحيازته مثل تلك المواد الإباحية فقبل ٢٨ عامًا ألقي القبض عنه وأُفرج عنه بعد تخفيف العقوبة، وهذا الرجل له صلات واسعة بدول الخليج وأمريكا، ووجهت له عدة اتهامات سياسية بتورطه في التدخل الروسي في الإنتخابات الأمريكية، لقراءة المزيد يمكنك متابعة هذه المقال في التايم، ولا أعتقد أننا بحاجة لأكثر من هذا هنا.
تلك المواد الإباحية لم تحتو فقط على فيديوهات إباحية لأطفال أصغرهم في الثالثة من العمر، ولحيوانات من التي يحبها قلبك، وكلامنا اليوم عن العقل العربي الجنسي وما أحتله من جنون لتحدثنا العربية لذلك وجب أن نناقش مشاكلنا وماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، مهما كان الموضوع والمكان والزمان، ولسنا بأجرء من الجاحظ عندما ناقش قضية المثلية الجنسية في كتابه " مفاخرة الجواري والغلمان"، ولا السيوطي في كتبه، مجرد محاولات بسيطة للبحث في سر هذا الجنون الذي يعتري الكون.
الجنس مع الحيوانات يبدو انه الأقل جنونًا في موضوعنا اليوم، فهي ظاهرة منتشرة منذ بدء الخليقة تقريبًا، وتتلخص بشاعتها في جزئين أولهما ممارسة نوع من الكائنات الحية الجنس مع نوع آخر، والأخرى هي دور السيطرة واستخدام القوة والألم في هذه العلاقة، وأما الأولى فمنتشرة في عالم الحيوان كله وسنتحدث عن أسبابها، وأما الثانية فهي مختلفة قليلًا لأنه في بعض الحالات لا يشعر هذا الحيوان بأي الم او سلب لحقوقه فهي نسبية وتطبق على حالات معينة فقط.
وممارسة نوع الجنس مع نوع آخر في المملكة الحيوانية عامة يرجع إلى عدم توافر شريك من نفس الجنس، وهذا السبب الاهم والاغلب وهو أيضًا يفسر بعضًا من المثلية في عالم الحيوان، وهناك اسباب اخرى جينية وبيئية واسباب أدت لخلط ما لدى ذلك الكائن، وفي الإنسان نزيد على هذا السبب أسبابًا أهمها الأسباب النفسية والعقلية والتربوية، ففي بعض البيئات وخاصة الريفية ينتشر الجنس مع الحيوان بسبب أنه اصبح شبه عادة لدى المراهقين يتناقلوها جيلًا وراء جيل، وأسباب عقلية ترجع لتقدير مدى خطورة ان يمارس الجنس مع امرأة ليست زوجته ولا يمكنه ان يتزوجها وبهيمة، وأسباب نفسية تنتج إما جينيًا -في حالات نادرة جدًا- وإما من تجارب في الصغر او ارتباط عاطفي مع هذا الحيوان، وأحيانًا يكون ذلك سببًا في علاقات جنسية بين افراد الأسرة، ابحث عن قصة المينتور أو الثور البشري.
وللجنس مع الحيوانات تاريخ طويل لدى البشر يظهر على جدران الكهوف والمعابد، ولدى العرب كذلك تاريخ طويل مع الجنس مع الحيوانات، فاشتهر في الجاهلية كأحد انواع الجنس لدى العرب الذين كانوا يتمتعون بالإنفتاح الجنسي لدرجات كبيرة، وعابه عليهم الاسلام وحرمه، أو هكذا كانت فكرة المجتمع الاسلامي والعقلية الجمعية عن حكم البهيمية في الإسلام، فما لدينا سوى روايات معدودة يستطيع البعض أن ينكرها ولكن لا يستطيع ان ينكر انها صدى للعقلية الجمعية وقتذاك مع التأكيد ان الأمر استمر في السر حتى عصرنا هذا، فبعض المرويات لاحمد عن الرسول أنه قال: من وقع على البهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة وغيرها مما يعطي نفس المعنى، بينما الأحناف يجدون أن العقوبة تعزيزية حسب ما يرى ولي الأمر، وبعض الفقهاء رأووا تطبيق حد الزنا على مرتكبها، وفي التاريخ العربي عدة وقائع ممارسة جنس مع الحيوانات فقد كان مشهورًا في كل البيئات التي ترعى الحيوانات تقريبًا، فقبيلة فرازة عُرفت بنكاح البهيمة حتى قال فيهم الشاعر:
لا تأمنن فرازيًا خلوت به....... على قلوصك واكتبها بأسيار
والقلوص الناقة الطويلة القائمة، وجاء المثل قائلًا "أشبق من جمالة" وهو رجل عُرف بنكاح ناقته من بني قيس.
وللجنس مع الحيوانات مخاطر شتى لن أتحدث عنها لوضوحها، ولكن سأتحدث حول ما يدور حولها من جنون، ففي بعض المجتمعات الأفريقية يعتقد الناس ان ممارسة الجنس مع الحيوانات تشفي من بعض الأمراض! وفي فنلندا وهنجاريا ورومانيا ما زالت ممارسة الجنس مع الحيوانات مباحة، وفي كندا في عام ٢٠١٦ تم اضافة مواد توضح القانون الذي يجرم ممارسة الجنس مع الحيوانات بأن كل شيئ مباح ما عدا "الإيلاج" في الحيوانات.
وليست البهيمية منتشرة بين الفقراء ففي ألمانيا أعترفت الحكومة بإنتشار البهيمية حتى وقت قريب، وحالتنا اليوم لا تختلف كثيرًا فلا يدعي أحد فقر هذا السياسي المشهور، لذلك تبدو لنا وكأنها ظاهرة نفسية أكثر وربما ترجع لرغبة الإنسان في تجريب المحرم بل عشقه، فكل ممنوع مرغوب كما نعلم، وتصل هذه الرغبة بالبعض إلى هذا الحد، أو بعض التجارب السابقة التي أدت لهذه النزعة، ورغم ذلك كانت مقننة في عدة دول حتى وقت قريب في الدنمارك والمانيا وحتى أمريكا، بل ما زالت مقننة في عدة ولايات!
والبهيمية او "الزوفيليا" يمكن تقصيها من نتائج بحث العرب عن الجنس مع الحيوانات على جوجل، استخدم أدوات جوجل وستجد بنفسك كم البحث الضخم، ولكن أغلب هذا البحث يمكن أن نعتبره من باب الفضول ولا يتعدى عادة للفعل، ولكن هنالك نقاشات في العالم الغربي تحاول باستماتة تقنين هذا الفعل الشنيع، كما حاول بعض الألمان - اقرأ المقال السابق-، بعد كل هذه المقدمة الطويلة يبدأ الجنون الحقيقي ويبدو أنني سأضطر لقسمة هذا الموضوع لعدة مواضيع ولكن على الاقل سأترككم مع قبسات من نار الجنون.
يتحجج المطالبون بإباحة الجنس مع الحيوانات بأن الحيوانات كائنات غير عاقلة وبالتالي لا حقوق لها، فنحن نأكل الحيوانات ونذبحها دون أن نطلب إذنها وبالتالي من حقنا ممارسة الجنس معها فهي مجرد أدوات لتلبية حاجاتنا، والغلطة التي يقع فيها هؤلاء -والتي هي نتيجة غير مباشرة للعدمية والفلسفات الحديثة المنتشرة- أننا في فلسفاتنا وقوانينا نضع حدودًا ومعاييرًا لتعاملنا مع الكائنات الأخرى الحية، فنحن اذا قتلنا الحيوانات حاولنا قتلها برحمة وبأسرع الطرق الممكنة، ولا عجب أن تجد هذه الحجج تتصاعد في الدول التي يغلب عليها الإلحاد الجديد -كما أحب أن اسميه- التي ألحدت بالقيم المجتمعية والتاريخ واتخذت المادية مذهبًا فشوهت المادية وشوهت المذاهب كلها، فهي ترفض أصلًا المسلمات التي وضعتها للتو من الرحمة بالحيوان، فقانون الغاب لا يمنعك من قتل الحيوانات بوحشية، والحيوانات قد لا تتألم من الممارسة الجنسية كما قلنا فالنفعية لن تفيدك، والطبيعة تحدث فيها مثل تلك الممارسات، ولن يمنعك سوى صدى الضمير الذي يعلو صوته في تعاليم الأديان والفلسفات القويمة والتقاليد المجتمعية، ولكن الإلحاد بالإنسانية هو الموضة وهو ما أدى بنا إلى هذا الطريق.
هذه إحدى الحجج المضادة لمن يطالبون بتحريم الجنس مع الحيوانات: Morality: in a world where any animal is fair game to be eaten or hunted, why can animals not be loved and taken care of?
البعض قد يرى أن سبب رغبتنا الدفينة في منع هذا السلوك نابعة من رغبتنا في الحفاظ على النوع، وأرى انه تفسير مبتذل قليلًا.
البعض يقول أن "البهيمية" او "الزوفيليا" مفهومة خطا على أنها مجرد ممارسة الجنس مع الحيوانات، بينما هي علاقة حب بين الانسان والبهيمة قد تكون من كلا الطرفين وقد لا تكون كذلك، لا أعرف لما يذكرني هذا بنقاشات البيدوفيليا التي سنتناولها في المقال القادم، او النقاشات التي بدأ بيها تحليل زواج المثليين، ولكن يمكنني تقبل هذه الحجة اذا كان كلا الكائنين عاقلًا، وحتى لو كان انسان وجماد مثل المخدة التي لا تنفك عنها ليلًا ونهارًا، او اي اداة من الادوات الجنسية، وسبب رفضي لهذا هو الإيمان بالروح التي تمتلكها الكائنات الحية، والوعي الذي تمتلكه تلك الكائنات، وهذا السبب بالنسبة لهم لا قيمة له على الاطلاق لعدم ايمانهم باي منه، فهو يرى الحيوان مجرد آلة مثله مثل اللعب الجنسية، ولا يمكننا ان نتحدث عن مصلحة الحيوان فبعض هذه الانواع لا ضرر واقع على الحيوان منها، بل أن بعضها قد يظهر الحيوان استمتاعه بها، وبالتالي سيكون رده عليك ببساطة "انا وهو راضون فما دخلك؟"
لذلك كررنا أن الإلحاد بالإنسانية يؤدي لأن يكون الإنسان مجرد حيوان آخر، سيرد البعض بأن كلامي هذا نابع من رغبة المحافظة على النوع وعدم الاختلاط بالكائنات الادنى، حسنًا نعم أنا أرغب في الحفاظ على الإنسانية، ولذلك لا ولم ولن يضع القوانين كل الناس، وانا لا اتكلم من حيث المبدأ ولكن اصف الواقع، فالسلطة والاقوى دائما هو من يضع القوانين، وهي الحكومات، فما بالك لو تولى أمثال هذا السياسي مناصب مرموقة مثل التي تولاها، وفسدت الحاشية، ألا يفسد الشعب؟
أعتذر أن كلامي يبدو غير مرتب وغير مفيد بشكل أو بآخر ولكن في المقابل أعد بمقال مرتب أكثر في المرة القادمة، فلم نتطرق لظاهرة "البيدوفيليا" وغيرها من الظواهر التي تتعلق ب"حب" الأطفال.
التعليقات