منذ أن بدأت القراءة وعمري 8 سنوات، بدأت رحلة من المتعة والسعادة لم تنقطع حتى الآن.

مازلت أذكر أثناء فترة الدراسة وأنا أجمع مجلات ميكي وسمير ومغامرات الشياطين الـ 13 والمغامرون الخمسة من مصروفي. كان أقراني ينفقون مصروفهم المدرسي على الحلوى والمشروبات الغازية، بينما كنت أقوم أنا برحلة يومية إلى كشك عم أمين الذي يبيع الكتب القديمة. رحم الله عم أمين .. عاش لرسالة ومات لها، ولم يلق الاحترام أو الاهتمام الذي يستحق.

ومعه اندثر مشهد كان مشهورًا لأبناء السبعينات والثمانينات في مصر: مشهد الكشك الذي يبيع الكتب.

كنت أجمع المجلات والقصص كمن يجمع الكنوز – وهي بالفعل كنوز – ويدخرها، لينفقها كلها في الأجازة الدراسية. يالها من أيام تلك التي كانت مجلات ميكي وسمير تسبب لنا إحساسًا بالسعادة. الآن أحضر لأبنائي مجلدات ميكي، وأقرأها معهم، ولكن .... لا أجد نفس الإحساس من السعادة الذي كنت أشعر به وقتها.

وانتبهت إلى تقدمي في العمر واختلاف اهتماماتي وقراءاتي. نعم .. ربما تختلف المواد المقروءة وإحساس السعادة ناحيتها، ولكن مازال الإحساس الطاغي لي ناحية القراءة هو السعادة.

مقدمة طويلة! ... سامحوني 

هناك بعض الأسماء التي أنصح بالقراءة لها، حتى ولو لم تكن قد قرأت له شيئًا من قبل. كما يقول كُتَّاب المقالات أصحاب العناوين المثيرة: أدباء وكتَّاب لا يجب أن تخرج من مرحلة العشرينات إلا وقد قرأت لهم.

لنبدأ........

1. د. مصطفى محمود

دكتور مصطفى محمود مقدم برنامج العلم والإيمان في فترة الثمانينات والتسعينات في التلفزيون المصري، والذي قدم منه ما يربو على 400 حلقة، وصاحب المؤلفات الفلسفية والفكرية العميقة، وهو كذلك صاحب الأراء الثورية التي أثارت جدلًا كبيرًا ناحيته.

حسنًا .. الرجل له قلمه الفذ الفريد الذي يغوص في أعماق النفس البشرية، ولديه قدرة تأملية راقية، قلما تجدها، تلفت انتباهك إلى أشياء تراها كل يوم، ولكن لم تقف أمامها كما فعل هو.

حقيقة، انبهرت بكتابيه (لغز الموت) و(لغز الحياة). كذلك كتاب (القرآن كائن حي) به العديد من التأملات الروحية للقرآن اعتمادًا على التفسيرات الموثقة من كبار العلماء. كذلك كتاب (علم نفس قرآني جديد) .. هذا الكتاب تحديدًا انتشلني من أزمة نفسية كدت أن أغرق فيها.

أدعوك لقراءة الكتب التأملية والفكرية للدكتور مصطفى محمود، مع ملاحظة أن له العديد من الكتب السياسية التي واكبت عصره، قد تبدو غريبة بعض الشيء، ولكنها كذلك تحمل الكثير من التوعية والتوضيح. القصد، إذا أردت الاستمتاع بما كتبه بحق، اقرأ الكتب الفكرية كتلك التي ضربت بها أمثلة بأعلى.

2. د. أحمد خالد توفيق

ثاني طبيب في القائمة، والأب الروحي (العراب) للأدباء الشباب. د. أحمد من الأقلام النادرة التي تذهب بك حيث لم يذهب الآخرون.

بدأ بأول سلسلة كتب رعب في الوطن العربي – ما وراء الطبيعة – عام 1992 ثم أتبعها بشقيقتيها (فانتازيا) و(سافاري). كل سلسلة من هذه السلاسل تعتبر كنزًا علميًا بحق. فبجانب كم التشويق والمتعة في قراءة رواياته، تعتبر كل رواية وجبة علمية دسمة مشبعة للباحثين عن الثقافة.

للدكتور توفيق روايات مستقلة حصلت على شعبية كبرى، مثل (مثل إيكاروس)، (أكواريل)، (السنجة) (www)، (شآبيب)، ورائعته الاجتماعية (يوتوبيا).

يوتوبيا – على عكس ما يبدو من اسمها – هي رواية اجتماعية فيها لمسة من الخيال العلمي توضح كيف سيكون مستقبل مصر في ظل النظام الرأسمالي الذي لا يرحم، وكيف سيصبح شكل المجتمع. هي في رأيي الشخصي أروع ما كتب توفيق (اقرأ ملخص الرواية من هنا:

https://goo.gl/TP2MuN).

اقرأ له ما يروق لك، ولكن لا تبدأ برواية (السنجة)، فهي أسوأ ما كتب على الإطلاق. هو نفسه تحدث في مقدمة الرواية عن رغبته في إلغائها أكثر من مرة، ولكن من حوله شجعوه على إكمالها. هي ليست سيئة للغاية، فهي تشرح الوضع في العشوائيات بأسلوبه الشائق، ولكن حبكتها ضعيفة للغاية.

3. أحمد بهجت

ستتعجب حينما تعلم أن ما قرأته لأحمد بهجت كتاب واحد فقط (أنبياء الله)، ولكن كان الكتاب وجبة دسمة للغاية لقاريء مثلي حتى يعلم من هو أحمد بهجت.

أحمد بهجت احتل أكثر من منصب في عالم الصحافة في جريدة الأهرام وأخبار اليوم ومجلة الإذاعة والتلفزيون. مؤلفاته كثيرة، ولم أقرأ منها حقيقة إلا كتابه الرائع (أنبياء الله) وعرجت على بقية المؤلفات سريعًا، ولم تتح لي فرصة قراءتها، ولكن ذلك العروج السريع أثبت صدق حدسي عن الرجل.

والآن دورك .. أخبرني بكاتب قرأت – سواء من القدماء أو المعاصرين، الكبار أو الشباب – لأقرأ له، مع نبذة بسيطة عنه من وجهة نظرك.