ماذا لو كان الشتاء قادمًا فعلًا؟ ماذا لو كان الحائط الجليدي الكبير حقيقةً، ماذا لو كانت الأرض فعلًا مسطحة؟

قد تبدو هذه الأسئلة غريبةً في هذا الوقت الذي وصلنا فيه إلى بلوتو وحصلنا على صوره «المزيّفة»، أو بعد بقاء الجوال كيوريوستي لمدة أربعة سنوات على «كوكب» آخر كروي في هذا النظام «الشمسي». كل تلك هي مجرد كذبات يصدقها من يعتقد بكروية الأرض، الأرض مسطّحة، حتى لو أنكرت ذلك، الأرض مسطحة، وإن راودتك الشكوك فاقرأ هذا التعليق على reddit لتتعلم التفكير المسطح.

عذرًا على هذا المزاح الثقيل، ولكن لنعد إلى الجد، هل تعلم أنّ(1) واحدًا بين كل أربعة أميركيين يؤمن بأنّ الشمس تدور حول الأرض؟ ليس هذا فحسب بل إنّ 66% من سكان دول الاتحاد الأوروبي فقط يعلمون بأنّ الأرض تدور حول الشمس.

النظام التعليمي سيء في معظم دول العالم، وهناك بعض الدول التي تتقدم على غيرها في مجالات معيّنة، ولكن ليس هذا موضوع نقاشنا. الموضوع هو فكرة وصل إليها الإغريق القدامى منذ أكثر من 2500 سنة تقريبًا.

  • فقد كانت معظم الحضارات تعتقد أنّ الأرض هي عبارة عن قرص موجود في محيط كبير، لكن بعدها جاء العالم الرياضي فيثاغورث، ويُعتقد أنّه أول من اقترح فكرة كرويّة الأرض، في السنة 500 ق.م، وذلك اعتمادًا على مراقبته للقمر، وبما أنّ القمر «كرويّ» فالأرض كذلك كرويّة. بعد ذلك قام أحد الفلكيين الإغريق – أناكساغوراس – بكشف السبب الحقيقي للخسوف، ووضح أنّ ظلّ الأرض على القمر منحنٍ، وأنّ هذا الظل لا يظهر إلا بسبب جسمٍ كرويّ، ووافقه أرسطو(2) وزاد عليه ملاحظته الخاصة باختلاف كوكبات النجوم في السماء، والتي تختلف بزيادة بعدك عن خط الاستواء.

  • وفي يوم الانقلاب الصيفي – 21 يونيو – قام الفيلسوف الإغريقي إراتوستينيس(3)، المولود في قورنيا (سيرين-ليبيا)، بمحاولةٍ أخرى لإثبات كروية الأرض، بل وقياس محيطها أيضًا. فقد قرأ أنّ ظلال أعمدة معبد في أسوان تختفي في ذلك اليوم، بينما في مكان إقامته في الإسكندرية، فإنّ الأعمدة لا تزال تلقي بظلّها على الأرض في ذات الوقت. استنتج إراتوستينيس أنّ الأرض لا بدّ إذًا من أن تكون محدّبة، لأن أشعة الشمس متوازية ولكن الظلال الناتجة عنها مختلفة. واستنتج أيضًا أنّ هذا الاختلاف بين الإسكندرية وأسوان يصل إلى 7 درجات (أي لو رسمنا خطًا مستقيمًا من الإسكندرية إلى مركز الأرض وآخر مماثل من أسوان إلى مركز الأرض فإننا سنجد زاوية بينهما تقدر بسبع درجات) وهذه السبع درجات تشكل جزءًا من خمسين من ال360 درجةً الكرويّة. ولم يكتفِ إراتوستينيس بذلك، بل وظّف رجلًا لقياس المسافة بين المنطقتين، وهي 800 ألف كيلومتر، ثم ضربها ب50 ليحصل على الناتج: 40 ألف كيلومتر، وهو رقم قريب للقياس الذي نعرفه اليوم، ولا يختلف سوى بخطأ بسيط جدًا، رغم عدم توفر أي نوع من التقنيّات لإراتوستينيس.

العودة للأرض المسطحة

  • في عام 1956، قام صامويل شنيتون بإنشاء المجتمع الدولي لأبحاث الأرض المسطحة International Flat Earth Research Society ، وقد استنتج شنيتون أنّ الأرض مسطحةً بواسطة «الحس السليم» و«الملاحظة الشخصية»، واتهم العلماء بأنّهم افترضوا الشكل الكرويّ للأرض دون أي دلائل تذكر، وحتى بعد الحصول على الصور من الأقمار الصناعية، ادعى شنيتون أنّ هذه الصور ملفقة وكاذبة. استمر شنيتون ومجتمعه بنشر فكرتهم عن الأرض المسطحة وعن المؤامرة التي تحاول بشتى الطرق إخفاء الحقيقة التي يحاول نشرها للجميع.

أنشأ شنيتون علم كونيات خاصًا به، وذلك حسب تفسيره الخاص لسفر التكوين، فاستنتج أنّ الأرض قرص مسطح، مركزها القطب الشمالي، وأنّ ما يُسمى «القطب الجنوبي» ما هو إلا جدار ثلجي مرتفع على حدود القرص الأرضي.

وفي عام 1966 وبعد العديد من المهمات الناجحة لناسا، أصدر شنيتون كتابه «الحقيقة البسيطة/المسطحة» وفيه ادعى أنّ «علم الفلك الحديث» و«رحلات المراكب الفضائية» هي إهانة لله وأنها ستجلب العقاب الوخيم للبشرية قريبًا. لكن بعد برنامج مشروع المسبار القمري(4)، والذي أفضى لصور غطّت 99% من سطح القمر، أدت رؤية العالم أجمعه لهذه الصور مرةً أخرى إلى الابتعاد عن مشروع شنيتون.

في 1969، وبعد اضطراب صحته، قرر أنّ إلياس هيلمان Ellis Hillman، المحاضر وعضو مجلس لندن (كان يمثل حكومة لندن بين 1965-1986)(5) هو الخليفة المناسب لرئاسة مجتمع أبحاث الأرض المسطحة، ولكن بعد موت المؤسس في 1971، استلم تشارلز جونسون Charles Johnson رئاسة المجتمع لمدة ثلاثة عقود، ووصل العدد تقريبًا إلى 3500 عضو، وقد دفع هؤلاء مبالغ ماليةً بين 6-10 دولارات سنويًا مقابل اشتراكهم في هذا المجتمع وحصولهم على إصداراته المختلفة. كان جونسون إنجيليًا ويرى في العلم خدعةً وسحرًا يريد بها العلماء شغل الناس عن الدين.

ويعتقد أفراد المجتمع أنّ الأرض مسطحة كقرص، مركزه القطب الشمالي ويحدها من جميع الجهات حائط أنتارتيكا الجليدي بارتفاع 4 أمتار، وهذا رمز الأمم المتحدة، واستخدم جونسون ذلك في ادعاء صحة ما يقول، وحسب هذا النموذج فإنّ الأرض والقمر يقعان على بعد 52 كم.

التسطح من جديد، هذه المرة على الويب

في 2004 قام دانييل شنيتون ذي التسعة وثلاثين عامًا – لا علاقة له بصامويل – بإعادة إحياء مجتمع الأرض المسطحة، بإنشاء موقع له على الإنترنت، ومن ثم إعادة إحياء رسمية في أكتوبر 2009، وإنشاء موقع جديد يجمع أكبر كمية من المستندات عن الأرض المسطحة، وويكيبديا خاصة بهم يمكن تدقيقها من قبل الأعضاء في هذا المجتمع. بعد ذلك تقسّم أعضاء المجتمع بشكلٍ كبير بين مواقع مختلفة وروابط جديدة، مع إيمانهم بتسطح الكوكب وتوضعنا على قرص عائم.

  • هل هناك صلة بين الأرض المسطحة والدين؟

رغم أنّ معظم الأديان تؤمن بوجود أرض ذات قبة إلا أنه لا يوجد أيّ صلة حقيقية بيننا وبين الأديان. ولكن لا يمكننا إنكار وجود صلة وثيقة بين المسيحية والرؤساء السابقين للمجتمع.

  • ماذا عن الصور الفضائية؟

هناك الكثير من المصادر التي تقدم لك هذه الصور، وكلها لا نثق بها، مثل ناسا وغيرها، تقدم صورًا تعكس رؤيتهم للأرض وللقمر وغيرها، وهناك من يناقش كذبة الوصول إلى القمر أيضًا.

  • ماذا عن رواد الفضاء؟

نحن نعتقد أنّ هؤلاء الأشخاص تم رشوتهم أو إجبارهم لإصدار هذه الشهادات الملفقة. البعض الآخر ربما تم خداعه أو كان مخطئًا

  • لماذا يكذب العالم لإخفاء شكل الأرض الحقيقي؟

هناك ثلاث نظريات تشرح هذا الأمر، لكن بدون نظرية المؤامرة لا يوجد شيء حقيقي فعلًا.

الأول: للحفاظ على الإرث: لقد لفقنا هبوط الإنسان على القمر خلال الحرب الباردة، ولكنهم عرفوا أن ذلك مستحيل لتسطح الأرض، فاخترعوا كذبةً وصدقوها.

ثانيًا : لإخفاء الحقيقة المذكورة في الإنجيل.

ثالثًا: للحصول على المال والسلطة وذلك بصرف الميزانيات والمليارات على مؤسسات الفضاء.

  • كيف تبدو الأرض إذًا؟

كما هو ظاهر في شعار الأمم المتحدة بالطبع، قرص دائري الشكل بمركز هو القطب الشمالي.

  • ماذا عن الأقمار الصناعية والمحطة الفضائية الدولية؟

ربما ترى الأقمار الصناعية ليلًا في السماء، لكنها ليست أقمارًا صناعية حقيقيةً، بل هي مجرد خدعٍ للناظرين.

  • ماهي الجاذبية ؟

نظرية الجاذبية هي نظرية خاطئة، الأجسام تسقط لأنها تسقط فقط.

  • هل تتسارع الأرض نحو الأعلى؟

لا طبعًا، هذه نظرية مشهورة بين أعضاء المجموعة لكنها مشكلة وليست نظرية، الأرض ثابتة لا تتحرك.

  • كيف تفسرون تعاقب الليل والنهار؟ والفصول؟

يمكن إثبات ذلك ببساطة من خلال الدوائر التي ترسمها الشمس عند دورانها حول القطب الشمالي، فحين تكون فوق رأسك هذا هو النهار، عندما لا تكون هناك، هذا هو الليل! تعمل الشمس كبقعة ضوء وتنير ما تحتها فقط كلما تحركت.

بالنسبة للفصول، كلما كانت الشمس بعيدة عن القطب الشمالي يكون الشتاء في النصف الشمالي والصيف في الجنوبي.

إذًا يحاول هؤلاء الأشخاص صمّ آذانهم عن كلّ شيء، وعن كل حقيقةٍ يسمعونها، رافعين شعار نظرية المؤامرة والخداع العالمي لمحاولة إخفاء الحقيقة الظاهرة، الحقيقة البسيطة، الحقيقة «المسطحة».

شكرا لكم