اليوم سوف نتطرق لأحد النظريات المرتبطة بعلم السلوك و التي تعتبر من النظريات المؤسسة لهذا العلم” : نضرية سكينرز “Operant conditioning” ستكون موضوعنا, لا داعي للقلق فهذا الموضوع بعيد عن عن تلك الخربشات الفلسفية المملة. على العموم أساس فكرة سكينرز هي أن الارادة الحرة للإنسان مجرد وهم و ان جميع التصرفات التي يقوم بها ما هي الى نتيجة لعواقب نفس هذه التصرفات, بمعنى إذا كانت عواقب بعض التصرفات سيئة, فلن تتكرر, بينما إذا كانت العواقب جيدة فالتصرف سيتعزز و يتكرر. هذه النظرية تم تطبيقها على الحيوانات اولا ثم و بعد إثبات صحتها صارت تستخدم في علوم تربية و تدريب الخيول, الكلاب …الخ والاهم, تستخدم في علم النفس التربوي و التحكم في سلوك الاطفال. ما يعني أنك إذا فهمت النظرية و فكرت خارج الصندوق فستتوصل الى تطبيقات تمكنك من أقلمة النظرية مع أحد سلوكاتك او سلوكات الاخرين ما سيمكنك من تعزيزها او عكسها أو إنهائها حسب ما تريد … كمثال هناك بعض المدخنين الذين يقومون بشرب العصير أثناء التدخين … الإدمان سوف يعتزز في هذه الحالة حيث ان العقل يستقبل التدخين كشيء جيد و مع التكرار سيطالب به بشكل أكبر, و أول عامل هو الشعور الذي تخلفه السيجارة و العصير, يعني عاملين منشطين للدماغ بطريقة إيجابية, هرمون السعادة, و إفراح البطن ههه مما ينتج عنه إستقبال السيجارة كسلوك رائع من طرف العقل. ما أريد الوصول إليه أنك إذا اردت الاقلاع عن التدخين او التخلص من إدمان معين فيجب أن تخدع عقلك و تجعله يستقبله على أنه شيء سلبي و سيء بدل كونه إيجابي… و العقل بكل تأكيد هو الاساس الذي يحكم تصرفاتنا فإن تمكنا من فهم طريقة إشتغاله سنتمكن من التحكم في السلوكات و الاوامر التي تصدر عنه .
هذه بعض المصطلحات الاساسية المرتبطة بالنظرية مشروحة بشكل مبسط :
– العقاب السلبي : مثلا تريد من إبنك الصغير أن ينظف و يرتب غرفته, في نفس الوقت انت دائما تقدم له بعض النقود كمصروف , في هذه الحالة ستقوم بإخباره أنه لن يحصل على شيء مادام لم يرتب غرفته (إنقاص شيء ما من أجل تقليل احد السلوكات الذي هو الاهمال)
– العقاب الايجابي : أنت مثلا تسكن مع صديق دائما يخلف مواضعه متسخة و غير نظيفة و أنت تريد منه أن يبدأ في التنظيف, ببساطة ستقوم بتأنيبه بشكل مستمر, حاول أن تدخل له موضوع النظافة في كل شيء ههه مثلا أخبرك أنه سوف يحصد الكثير من الاموال أخبره أن يحصد أوساخه اولا هههه, بهذه الطريقة سيبدأ في التنظيف من اجل أن تتوقف انت عن التأنيب, أسلوب يستخدمه الاباء بشكل فطري ( إضافة شيء ما من أجل تقليل احد السلوكات)
– التعزيز السلبي : مثلا اليوم وجدت أن صديقك قد نظف البيت و جعل كل شيء نظيفا, توقف عن تأنيبه و عامله بشكل جيد لبقية اليوم (نقص شيء ما من أجل تعزيز احد السلوكات)
– التعزيز الايجابي : مثلا إذا كان عندك صديق يسكن معك لكنه لا يطبخ, ربما يعرف و ربما لا يعرف لا يهم … ما يهم أنك ستستخدم العقاب الايجابي اولا و ذلك بتأنيبه حتى يقوم بطبخ طبق معين ثم بعد ذلك تستخدم التعزيز الايجابي و ذلك بمدح الطبق و الاثناء عليه بشكل متكرر, في اليوم التاني أصر عليه و اخبره أن يحضر لك طبقا مشابها للذي حضره في الامس و هكذا ههه هذا ليس نوع من النفاق فقط تشجيع (إضافة شيء ما من أجل تعزيز احد السلوكات)
الان سوف ننتقل لتبسيط هذه النظرية بشكل أكبر. إذا تمكنتم من فهم النظرية سوف تصبحون قادرين على إستخدامها بشكل إبداعي مع البشر و الحيوانات سواء و ستكون لديكم قدرة عجيبة على التصرف في مختلف المواقف.
الـــ Operant conditioning هو احد أساسيات علم النفس, هاد النظرية مبنية على نظام المكافأة, يعني المكافأة تستخدم من أجل تشجيع التصرفات المرغوبة, و العقاب من أجل تثبيط التصرفات الغير مرغوبة.
تعلم هذه التقنية يعتمد على فهم الاساسيات المرتبطة بها..لأنها ليست ببساطة شيء يقدمه لك الانسان مع كتيب إرشادات لكيفية الاستخدام, لأن إستخدام النظرية الوضعية او الضرف التي تنوي تطبيقها عليه بالاساس فالاستخدام على طفل صغير ليس كالاستخدام على انسان بالغ, و الاستخدام على حيوان ليس هو نفسه على انسان …كذلك الوضعيات تختلف و الخلفيات تختلف.
مؤكد أنه من الصعب ان تصدق ان التلاعب بالانسان سهل جدا , و لكن هذي هي الحقيقة فعقولنا تحكمنا و معرفة ألية عمل هذه العقول تكشف عدة نقاط ضعف و عرضة للتلاعب.
سنبدأ في شرح النظرية و علاقتها بتدريب الحيوانات أولا :
نفترض أن لديك حصان تقوم بتدريبه …. رغبتك هي أن يبدأ في الجري مباشرة بعد سماع كلمة “خييل”. الطريقة هي أن تقوم بوضع الشوكتين في الركاب و كلما أردت منه أن يجري تقول “خييل” و في نفس الوقت تنكزه في بطنه بواسطة الشوكتين, غالبا سيكون رد الفعل هو الجري بسبب الالم, إذا قام بتنفيذ رغبتك و الجري أعطه جزرة أو بعض السكر مباشرة بعد توقفه كنوع من الجزاء و هذا يسمى التعزيز الايجابي ..تقوم بتكرار نفس الفعل , قل ” خييل ” إذا لم يجري إنكزه في بطنه, عندما يتوقف كافئه. قم بنفس الامر مرارا و تكرارا حتى يبدأ بالجري دون إستخدام الشوكتين, بعد ذلك قم بإزالتها و إستخدام الكلام فقط, هذا كايتسمى التعزيز السلبي. بعد مدة من التكرار سيتعلم الحصان أن كلمة ‘ خييل’ مرتبط بالجري و عدم الجري عند سماع هذه الكلمة يعني الألم. هكذا قمت ببرمجة حصانك دون مبرمج ههه, هذا مجرد مثال بسيط, يمكنك إستخادم الطريقة بشكل إبداعي و جعله يقوم بأي شيء تريده, و نفس الامر ينطبق على الكلاب و أي نوع اخر من الحيوانات الاليفة. بالنسبة لأصحاب الرفق بالحيوان يمكنكم تدريب الحصان عن طريق المكافأة فقط, كل ما عليك فعله أن تفكر خارج الصندوق .
ننتقل للتطبيق على الانسان ,مثلا الادمان. ماهو الادمان؟ ببساطة هو سلوك مكتسب بسبب كونه سلوك مجزي بمعنى أنك تحصل على نوع من الجزاء بعد القيام بفعل الادمان سواءا شعور نفسي او جسدي جيدين او مال او اي شيء. و حسب النظرية فأي سلوك تتبعه مكافأة سواءا كانت مادية او نفسية او معنوية فهذا السلوك سيتعزز. و كلما كانت المكافأة أسرع كلما زادت قوة الارتباط بهذا السلوك. نفترض مثلا أنك تريد التخلي عن التدخين و لديك العزيمة, قم بتصميم نظام مكافأة خاص بك, مثلا حدد لنفسك خطة مكافأة يومية لكل يوم يمر بدون تدخين. مثلا شيء تحبه انت بشكل كبير خصصه بشكل يومي. نفترض أنك تشرب عصير الافوكادو كل يوم و هو من أكثر ما تحب ان تشرب, مجرد افتراض او ربما انت من المتابعين لأحد المسلسلات. او ربما هناك فلم تتشوق لمشاهدته. عندما ينتهي اليوم بدون تدخين, حدد ساعة معينة إشرب فيها العصير او شاخد المسلسل او الفلم المهم أن تكافىء نفسك. أما إذا تغلبت عليك نفسك و دخنت فقم بإزالة جميع المحفزات و المكافأت و جميع الاشياء الجميلة التي كنت تكافىء بها نفسك. هنا أيضا نظام العقوبة و هو نظام فعال بشكل كبير لأنه فوري و الاستجابة و النتائج تكون أسرع. مثال ممتاز على طريقة عقوبة تستطيع أن تطبقه على أي عادة سيئة, أو سلوك تريد إيقافه. مثال التدخين مجرد نمودج و ليس حدا لتطبيقات النظرية. على العموم فكرة العقوبة انك تعاقب نفسك فوريا كلما جاءت لذهنك فكرة التدخين, كلما أشعلت سيجارة, كلما دخنت… الطريقة كالتالي : خد شريط مطاطي, ضعه في معصمك و أتركه, كلما وجدت نفسك تقوم بالسلوك الغير مرغوب او بمجرد أن تفكر فيه, إسحب الشريط المطاطي جيدا ثم أطلقه هههه حتا تطير دموعك من الالم (أمزح) مع التكرار, العقل سيربط التدخين او السلوك السيء مع الالم و لن يستقبله مجددا على أنه شيء جيدا لأنه دائما يكون مرفوقا بالالم. مع الوقت العقل سيتوقف عن عرض فكرة التدخين بشكل نهائي .
بنفس الطريقة إذا فهمتها بشكل جيد تستطيع برمجة نفسك على الرياضة, على أمور جيدة و تستطيع التخلص من العاداة السلبية. و كذلك بنفس الطريقة تستطيع برمجة الاخرين و لكن هذه الاخيرة أكثر صعوبة و تتطلب منك نوعا من الابداع و الذكاء في توظيف فكرة النظرية.
التعليقات