💡 

قديما كانت الأصنام و التماثيل مادية تصنع من مكونات الأرض و تربط بالآلهة و يتاجر بها المحتال و يتقرب إليها الجاهل و يتحصن بها المغفل و يحتمي بها المخدوع و تتعلق بها القلوب المفرغة من الإيمان الحقيقي و في الزمن الذي نحن فيه هي آثار فنية تعكس علينا حضارة الماضي و لم تتحرر منها كل الشعوب لكن فكرة الأصنام تطورت و تعقدت و تنوعت و وصلت لما هو أخطر علينا منها قديما.

🔦 

ما الأصنام الرقمية!؟

الصنم الرقمي هو ما تصنعه الكمبيوترات و الكاميرات و الإلكترونيات و للتبسيط هي الصور الرقمية التي تصبح واجهة مستخدم البرامج في التواصل الاجتماعي لكن لماذا وصفتها بالصنم!؟

عندما يقدس مستخدم الإنترنت صورة قائد أو صورة نجم أو صورة مشهور و يجعل هذه الصور الرقمية أصل هويته و أساس ما يعبر عنه و جوهر ما يمثله هو يتقرب لصاحب الصورة كما يتقرب للصنم الذي صنعه من قدم إليه القربان في العصر القديم فلا اختلاف بينهما لكن ما الذي يدل على ذلك!؟

إن وصل الإنسان لما يجتاز حد الإلهام و الانتفاع و الاقتداء و الإعجاب سيقع في الغلو و التقديس الممهدان للعبودية التي ستجعل هوية الإنسان دفينة فيما أظهره للناس فعندما لا نشاهد من الإنسان إلا من قدسه و عظمه و رفع من مكانته سينسلخ عن ذاته و سيلبس غيره و هذا أعظم إهمال و تهميش و إنكار للذات.

معلومة

صورة مشهورك و نجمك و قائدك المفضل أو صورتك الشخصية المنعزلة عن طبيعتك الداخلية دلالة على الإعجاب بالظاهر و إهمال الباطن و هذا الإعجاب إنعكاس للعجب و الغلو و التقديس و لهذا الفعل سلبيات لنعرفها بدقة سأطرح على العقل هذا السؤال ما سلبيات إبراز هوية غيرنا في برامجنا الخاصة!؟ 

إخفاء الذات يتحقق بإبراز غيرها و جعلها هي البديل عن الذات المخفية و هذا يضعف من شجاعة و ثقة الإنسان العاقل.

دفن الهوية يتحقق بتبديل الاسم الذي نعرف به بآخر يعرف به غيرنا و تبديل الوجه الذي نشاهد عالمنا به بوجه آخر ليس جزء من تكويننا.

إبراز الهوية الوهمية يغطي الجوانب الإيجابية و يظهر الجوانب السلبية لأن كل ما يصدر من الإنسان سينسب للشكل المستعار و الاسم المستعار و هذا يمهد لعدم إحترام و تقدير الناس بسبب أن المتحدث مجهول الهوية فالشكل ليس شكله و الاسم ليس اسمه. 

ما يغطي العاقل شكله به و ما يخفي اسمه به يسرب السوء الذي فيه لغيره فيلعن و يشتم و يقذف بلا حسيب و بلا رقيب و هذا من الجهل و هو إنعكاس للضعف و النقص و قلة الحيلة.

سرقة الأضواء عن طريق جذب المعجب بصاحب الصورة و الاسم لمن غطى نفسه بما أظهره للناس خدعة ماكرة و هذا الفعل يدل على قلة الإبداع و الافتقار المعرفي.

تسليم العقل للغير يتحقق بتسليم الذات لذات أخرى تصبح بديلة عن الذات التي أخفت نفسها بغيرها.

إثبات الإتباع الأعمى يوصل الإنسان لتقديس غيره بشكل مبالغ فيه يصل لمرحلة تغطية الهوية الخاصة بشخصية عامة لها حياتها الخاصة.

🖊️

ما الأسباب التي تجعل العاقل يدفن ذاته ليبرز ذات لا تمثله!؟

عدم الإقتداء الحقيقي يبعد العاقل عن القيمة و المضمون و المعنى و الغاية فيتعلق بالقشور و الزخارف كالأشكال و الأسماء فينجذب للمشاهير و النجوم و الشخصيات العامة ليغطي بهم ذاته الفقيرة بالعلم و المعرفة و المفرغة من الثقة و الشجاعة و الطموح.

الهوس يجعل الإنسان يتلبس غيره فيتوهم بأنه من أعجب به رغم الاختلاف الكبير بينهما و سبب ذلك التركيز المبالغ فيه على حياة المشاهير و إهمال الحياة الحقيقية.

الإدمان على متابعة من قدسه العاقل يجعله يطمع بالمزيد لأنه كثف من تفاصيل من أعجب به في ذاكرته فأصبح جزء منه.

إهمال المضمون العلمي و المحتوى القيم و الجوهر المعرفي و الأصل الخلقي و الأساس التكويني يبعد الإنسان عن اكتشاف غايته من الحياة و هدفه في الحياة و قيمته الحقيقية.

تفضيل الشكل على المعرفة يجعل العاقل يهتم بالسطح الخارجي و الظاهر كالاسم و المظهر و الوجه و الشهرة و يهمل العلم و الموهبة و المعرفة و الثقافة و الاستقلالية و الموضوعية و الاعتزاز بالذات و منافسة المشاهير و النجوم و القادة.

عبودية البشر لها ممهدات نذكر منها بعضها كتخصيص التعريف عن الذات بصورة و اسم شخصية عامة لا تمثل العاقل و الإكثار من الحديث عن صاحبهما و التعصب له و اللعن من أجله و معاداة البشر بسببه و متابعة كل ما يصدر منه و عدم إنتقاده و الدفاع عنه بجنون و البكاء لبكائه و ما يشبه ذلك.

🔬 

لماذا هذه العادة تهدد الإنسان العاقل!؟  

الإعجاب المبالغ فيه مدخل للتأثر فيما يؤمن به و يعتقده المشهور و هذا يجعل الخطأ الصادر منه من منظورنا مغري و منطقي من منظور من يقدسه و يعظمه.

التعلق بما ليس لنا إستخدام خاطئ للحرية فليس من الحرية إهمال هويتنا و إخفاء إبداعنا و الاكتفاء بعرض ما لا يمثلنا فهذا الفعل لا يختلف عن السرقة و التلصص و التجسس و نسب ما لغيرنا لنا.

التفضيل المطلق هو أعلى مستويات الغلو و هذا يحدث عند الوصول للإعجاب المرضي الذي هو إنتماء كلي لا يختلف عن عبودية البشر إلا بالسلوكيات فالمشترك بينهما المبالغة و الاهتمام الشديد و المراقبة الدائمة. 

التعظيم الكلي هو عدم السماح للذات في البروز و الاستمرار على عرض ما يدفنها.

✍🏻 

ما الحل!؟

فصل الإنجازات عن الأشكال و الأسماء فالتعلق الصحيح هو ما ينمي العقل بالعلم و المعرفة و المعلومات و القيم و التجارب و الدروس الملهمة.

منافسة المشاهير و العلماء و القادة و الأدباء أفضل من تعظيمهم لدرجة إلغاء ذواتنا فنحن الأحياء و هم الأموات و نحن من سيمدد من معارفهم و من قدسته لم يقدسك و لم يقدس غيرك و بتقديسه لم تقتدي به.

تصميم و إبداع و إخراج و رسم و كتابة و إبتكار ما يمثلك طرق تخلصك من تسليم عقلك لغيرك و دفن ذاتك بغيرك.

ما يعكس جوهرك و علمك و عمقك هو ما سيخلد ذكرك.

من

نسخت

هويتك

بهويته 

صنمك

الذي

دفنت 

به

نفسك فإن لم تمزق صورته لن تتحرر منه و لن تظهر للناس صورتك المدفونة فيه.