التشابك الكوني… كيف يربط التخاطر بين الماضي والحاضر والمستقبل؟
التخاطر… تلك القوة الغامضة التي يُقال إنها تسافر عبر الكون بموجاتها الخاصة،
فتخترق هالة الإنسان وتترك في داخله أفكارًا لم تخطر له من قبل.
أحيانًا، نختار فيلمًا أو مسلسلًا بشكل عشوائي، دون أن نعرف عنه شيئًا، ثم نفاجأ بأن أحداثه تشبه ما كنا نفكر فيه أو ما قد يحدث لنا مستقبلًا.
والأغرب أن الأمر لا يتوقف عند فيلم واحد، بل كل ما يحيط بنا من إشارات وتواصل يوصل لنا الرسالة نفسها، وكأن الكون يصرّ على أن يهمس في آذاننا بحقيقة ما.
وهنا يبدأ السؤال: هل لعقولنا القدرة على رؤية الأحداث القادمة بسرعة الضوء؟
أم أن العقل يلتقط شيئًا من حوله عبر موجات وأدوات لم نفهمها بعد؟
يبدو أن الأمر يرتبط بما توصّل إليه العلماء في فيزياء الكم: أن "الوقت" ليس خطيًا كما اعتدنا أن نفكر (ماضٍ → حاضر → مستقبل)، بل مجرد وهم؛ وأن الماضي والحاضر والمستقبل تحدث جميعها في آنٍ واحد، بطرق لا ندركها بحواسنا.
ولهذا نجد أن الله سبحانه يتحدث عن العذاب في القرآن بصيغة الحاضر، وكأن المشهد قائم أمامنا الآن.
ومن هنا يمكن أن نفهم التخاطر بشكل أعمق: فكما تكشف فيزياء الكم أن الواقع ليس جامدًا، وأن الأحداث مترابطة بطريقة خفية، فإن التخاطر قد يكون انعكاسًا لهذه الروابط. ربما عقولنا تلتقط من هذا "المخزون الزمني" أو من هذا "التشابك الكوني" خيوطًا دقيقة تصلنا كأفكار، مشاعر، أو حتى مصادفات متكررة.
بمعنى آخر: إذا كان الكون في جوهره شبكة مترابطة خارج حدود الزمن،
فقد يكون التخاطر إحدى الطرق التي يتفاعل بها العقل مع هذه الشبكة، فيستقبل إشارات من "هناك" و"حينها"، مهما كان البُعد أو الزمن الفاصل.
ما نوقن به حقًا، أن العقل الذي خلقه الله أعظم مما نتصور، وأنه يفتح لنا أحيانًا نوافذ صغيرة على عوالم أوسع بكثير مما نراه.
التعليقات