ذات مساء كنت أستمع لصديقتي وهي تحكي عن شقيقها الذي عاد من عمله مرهقًا جلس بصمت طويلًا ثم قال لأمه بصوت خافت "بس كنت محتاج حد يسألني إزاي كان يومي" قالت وهي تحكي أن دموعه كانت على وشك السقوط لم يكن يشتكي من الألم الجسدي بل من الوحدة هو لا ينقصه المال ولا المكانة الاجتماعية لكنه كان يفتقد الكلمة الطيبة والاهتمام حينها أدركت أن الرجل مثل المرأة تمامًا يحتاج للاحتواء والسؤال والمشاعر لكنه غالبًا يُمنع من التعبير ويُلام إذا بكى ويُعتبر ضعيفًا إن اشتكى وهكذا يكبت كل مشاعره ليبدو قويًا بينما هو في الداخل ينهار الاحتياج العاطفي ليس حكرًا على النساء والرجل الذي يحتاج إلى حنان لا يقل رجولة بل إنه أكثر إنسانية من رجل لا يعرف كيف يحب أو يُحب فلماذا يري المجتمع أن الرجل الذي يعترف باحتياجه للعاطفة ضعيف؟ شاركونا آراءكم
احتياج الرجل للعاطفة ليس ضعفًا بل إنسانية
كما قيل: تعددت الأسباب والموت واحد!
ذلك المجتمع الذي دائما نشتكيه يحتقر المرأة ويجبرها ويربي الطفل على مبادئ خاطئة ويحمل الشاب في العائلة الفقيرة مسؤولية أهله كلهم وووو ... كلها نتائج لأسباب متكررة: الجهل، الثقافة المتشبعة بالموروثات الخاطئة، سوء فهم الدين والرجولة والمروءة والأخلاق...
فعلاً كثير من المشكلات التي نراها اليوم ترجع إلى تراكمات قديمة وأفكار خزنت في عقولنا دون أن نفكر فيها المرأة تربى على التحمل والصمت والرجل يربى على أن يحمل كل المسؤوليات وحده والطفل يتعلم هذه الصور دون أن يفهم حقيقتها المشكلة ليست في الأشخاص بقدر ما هي في الأفكار التي زرعها المجتمع فيهم ولهذا أعتقد أن أول خطوة للتغيير تبدأ بالوعي أن نسأل أنفسنا لماذا نكرر هذه التصرفات وهل يمكن أن نعيش بطريقة مختلفة أكثر عدلًا ورحمة للجميع لكن الأهم من الوعي وحده هو الشجاعة الشجاعة في أن نكسر هذه الأنماط ونربي أبناءنا على الاختيار لا على التلقين أن نسمح للبنت أن تعترض وللولد أن يبكي دون أن نحملهما عبء ما يجب أن يكون بهذا فقط يمكننا أن نبدأ في صناعة جيل جديد يرى الإنسان أولًا لا الدور المفروض عليه مسبقًا
أول خطوة للتغيير تبدأ بالوعي أن نسأل أنفسنا لماذا نكرر هذه التصرفات وهل يمكن أن نعيش بطريقة مختلفة أكثر عدلًا ورحمة للجميع لكن الأهم من الوعي وحده هو الشجاعة الشجاعة في أن نكسر هذه الأنماط ونربي أبناءنا على الاختيار لا على التلقين أن نسمح للبنت أن تعترض وللولد أن يبكي دون أن نحملهما عبء ما يجب أن يكون بهذا فقط يمكننا أن نبدأ في صناعة جيل جديد يرى الإنسان أولًا لا الدور المفروض عليه مسبقًا
نعم، جميل ومفيد جدا ما ذكرت.
ولنا في رسول الله أسوة حسنة، أخلاقه صلى الله عليه وسلم مشكاة تضيء لنا طريق الصلاح والإصلاح.
كلما ذكرت مشكلة أعيدها إلى "لو كان النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان ليتعامل معها؟" فأجد إجابة كافية شافية. صلوات ربي وسلامه عليه.
فلماذا يري المجتمع أن الرجل الذي يعترف باحتياجه للعاطفة ضعيف؟
في الغالب لأن الرجل يمثل صورة القوام القوي صاحب المسؤولية، بينما يربطون العاطفة بالانثى فقط، ليس فقط الاحتياج العاطفي.. بل حتى اظهار العواطف، من يبكي، من يظهر حزنه، من يظهر حبه..
لكن هذه النظرة خاطئة بطبيعة الحال، فمنذ بدء الخليقة ارتبط احتياج الرجل للعواطف مثله مثل الانثى، فلا ننسى أن الله خلق حواء لآدم ليسكن اليها، ولا ننسى أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتد به الوقع من حادثة جبريل، اتجه الى امرأة، الى أمنا خديجة رضي الله عنها، التي بدورها قدمت له الدعم العاطفي اللازم والمساندة.
أما من ناحية علمية طبية، فالعواطف متعلقة بهرمونات معينة.. وهذه الهرمونات موجودة في الجنسين ولا يستثنى منها الرجل.
كلامك يؤكد أن فكرة الرجل لا يحتاج إلى العاطفة أو لا يحق له إظهار مشاعره هي نظرة تظلم الطبيعة البشرية ذاتها لأننا جميعًا كبشر نحتاج إلى أن نحب ونحب ونشعر بالأمان وليس النساء فقط حتى الطفل الصغير يحتاج إلى أن يشعر بالاحتضان والاهتمام كي ينمو بشكل سليم فكيف فجأة عندما يكبر ويصبح رجلًا نقول له أخفِ كل ذلك وكأن المشاعر عيب أو ضعف مع أنها أكبر مصدر للقوة والتوازن النفسي لدى الإنسان وربما لو تقبل المجتمع هذا الأمر فعلًا سنرى رجالًا أكثر استقرارًا وسلامًا داخليًا بدلًا من كبت كل شيء حتى يصلوا إلى مرحلة الانفجار الداخلي
بس كنت محتاج حد يسألني إزاي كان يومي"
ولكأننا أصبحنا في مسرح مشاعر لا في ميدان رجولة!
منذ متى صار الرجل ينتظر العطف والسؤال؟
وهل الرجولة اليوم تقاس بمدى الرقة والانكسار أمام الكلمة الطيبة؟
أي هزالٍ هذا؟ الرجل الحقيقي لا يشتكي، لا ينتظر، لا يطلب.هل تنتظر من العالم أن يحنو عليك؟ العالم لا يرحم، ولا يتعاطف مع من يبكي.
القوة لا تُمنح، بل تُنتزع… ومن أراد أن "يُحتوى"، فليجلس في الصفوف الخلفية.
الرجولة أن تُدفن مشاعرك، أن تتحمل، أن تواجه دون أن تنحني.ما يُسمى احتياج عاطفي عند الرجل هو بداية الانهيار...اليوم يسأل من يسألني عن يومي؟
وغدًا يكتب خواطر، ويطالب بالمساواة في الأحضان.
الرجولة ليست في أن يُفهمك الآخرون… بل في أن تُفهم نفسك، وتُسكت جوعك العاطفي بالقوة، لا بالاستجداء.
وهذا هو الفارق بين من يقود العالم... ومن ينتظر أحدًا ليسأله: كيف كان يومك؟
لا أرى أن كبت المشاعر هو الدليل الوحيد على الرجولة من يستطيع التعبير عن نفسه وطلب الاحتواء وقت الحاجة ليس ضعيفًا بل يكون واثقًا من نفسه بما يكفي ليطلب ما يحتاجه دون أن يخشى أن يُقال عنه ليس رجلًا لماذا نربط القوة دائمًا بالصمت والصلابة الرجل ليس آلة ولا يوجد قانون يفرض عليه دفن مشاعره ليُثبت رجولته الإنسان الطبيعي يشعر ويتأثر ويحتاج أن يسمع كيف حالك أرى أننا بحاجة إلى إعادة تعريف الرجولة بشكل أوسع يشمل التوازن فالقوة الحقيقية أن تعرف كيف تتحكم في مشاعرك لا أن تنكرها
كيف لنا أن نسلخ الجزء عن الكل؟!
حواء خلقت من ضلع رجل ( ٱدم عليه السلام) وطالما أنها جبلت على العاطفة فمن الطبيعي أن تكون العاطفة هي بدورها جزءا لا يتجزأ من تكوين الرجل ...
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما توفي ولده إبراهيم أدمعت عيناه الطاهرتين و كان قد جمع إلى شعور الحزن إحساس الرضا والاستسلام لقضاء الله وذلك عندما قال : اللهم إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع وإنا على فراقك يا ابراهيم لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا .
وتباعا ... فإن الحزن لدى الرجل في المواقف التي تتطلب استحضار هذا الشعور ليس ضعفا على الإطلاق بل دليل على الإنسانية المرتبطة بشهامته ونخوته والذي يصنع الفرق هو التعبير عن حالة الحزن دون الاستغراق به فهو من يعبر بنا لانحن ...لذلك ربط الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم شعور الالم بمنطق التسليم لإرادة الله سبحانه وتعالى وفي هذا رصانة لرجولة الرجل وحفظا لكرامته
بالضبط لأننا لو فصلنا العاطفة عن الرجل كأننا نطالبه بأن يكون آلة أو حجر لا يحس ولا يتأثر وذلك مستحيل طبعًا ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لحظة وفاة ابنه يوضح قمة التوازن بين المشاعر الإنسانية والتسليم لقضاء الله وذلك شيء لا ينقص من الرجولة أبدًا بل يزيدها ثباتًا ورقيًا وأعتقد أن المشكلة ليست في وجود العاطفة عند الرجل ولكن في نظرة بعض الناس لها وكأنها ضعف مع أن التعبير عن الحزن بطريقة موزونة يجعلنا نعرف حدودنا كبشر ونحترم مشاعرنا دون أن نغرق فيها
الرجل قوي جداً ، عندما يجد المرأة التي تحفظه ، هو طفلها وسيدها وهي طفلته وسيدته.
الاتكاء على الزوجة:
لقول عائشة : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض. رواه مسلم
فعلاً احتياج الرجل للعاطفة ليس ضعفاً بل جزء من إنسانيته نحن أحيانًا ننسى أن القوة الحقيقية ليست في القدرة على الصبر وحدها بل في القدرة على الاتكاء على من يحب ويثق به الرجل حين يجد امرأة تحفظه وتتفهمه يشعر بالراحة والأمان وهذا يجعل العلاقة متبادلة فهي تشعره بالقوة وهو يشعرها بالاهتمام والاحترام قول عائشة رضي الله عنها يوضح هذه الإنسانية الجميلة وكيف أن المودة والرحمة جزء من الروابط الأسرية التي تدعم كلا الطرفين
"ربما ما يحتاجه الرجل اليوم ليس عاطفة تُمنح له كمنحة استثنائية، بل مساحة طبيعية ليكون إنسانًا دون شروط مسبقة. أن يُصغي له أحد، لا لأنه نادر، بل لأنه طبيعي أن يتعب… ويُرى."
كلامك لامس نقطة مهمة جدًا يمكن نحن كبشر جميعًا نحتاج أن نشعر أن هناك من يرى تعبنا لكن المجتمع دائمًا يركّز على أن الرجل يجب أن يظل قويًا ومتماسكًا طوال الوقت وكأن التعب والضغط ليس من حقه أحيانًا حتى المقربون منه يرون تعبيره عن ضعفه وكأنه خلل أو ضعف في شخصيته مع أن الطبيعي أن يمر بلحظات صمت أو حزن أو حتى تعب نفسي دون أن يحتاج إلى تبرير أو يشعر بالخجل أتفق معك المساحة التي تتيح له أن يكون إنسانًا فقط هي فعلاً ما ينقصه
التعليقات