أنا؟ أنا ذلك الذي انتظرتموه طويلًا...ثم خذلتم أنفسكم به، قبل أن أُفكّر حتى في خذلانكم.
كنت أرتدي الرداء، القناع، الصبر، والنية الطيبة.
جل طلبي كان بسيطًا، أن أُساعد، أن أُنتشل، أن أُطبطب على جراح مدينة تصرخ بلا صوت.
لكني اكتشفت متأخرًا… أن "المشكلة" لم تكن أبدًا في الشّرير.
في اليوم الذي توقّفت. لا ضوء أحمر في السماء، لا شعارات رنانة، لا موسيقى درامية. فقط… تركتكم.
في بداية الأمر. نعم، بكيتم، تصايحتم، وتساءاتم أين ذهبت، وقلتم ألا نستحق بطلا مثلك، فقد وعدتكم أنًي لن أترككم.
لكن لم يطُل الأمر… حتى انقسمتم. فئة وُلدت من رماد الواقعية. نظروا حولهم، تنهدوا، تيقنوا أنني لم أعد موجودا وأنّ رجوعي غير وارد، فبادروا وأصلحو ما يمكن إصلاحه، أنشأوا مبادرات، مجموعات، خططًا، ارتكبوا أخطاءً كارثية، لكنك شعرت فيهم بنوع من الحياة… من الغباء النقي، لكنه غباء يحاول.
والثانية، آه… هؤلاء لا يتغيرون. ما زالوا يبحثون عن نسخة محسّنة منّي. في كل أزمة، يصرخون باسم جديد، يختارون ناطقًا من وحي العشوائية، يتحرّقون لإعلان بطل جديد، ثم… يندمون. ويعيدون الكرة في كل مرة. كأنهم مدمنون على خيبة الأمل.
والأخيرة، تلك الفئة التي تشبه نكتة حزينة. هم يعملون، بصدق. ينظّفون الأوساخ، يحاولون منع الانهيار، لكنهم لا يزالون يُعلّقون صورتي على الجدار، آملين عودتي مستعدين لها. يجهّزون الأرضية للبطل… ولا يسألون أنفسهم ماذا لو لم أعد؟
الآن، أنا أُشاهد من بعيد. لا أشتاق للرداء، ولا للركض، لكني أشتاق لشيء لا أعرف اسمه. هل هو فكرة البطل؟ أم وهمه؟ أم أني كنت مجرد تفصيلة في حلمكم الجماعي؟ أراكم تتكيفون، تموتون قليلًا كل يوم، ثم تضحكون، ثم تبحثون عني في وجه شخص جديد…ثم تسبّونه لأنه لم يكن أنا.
أفكر أحيانًا… هل أعود؟ لكنني لا أعرف لمن أعود تحديدًا. للفئة التي نسيتني؟ أم التي ما زالت تنتظرني فتى النبوؤة؟ أم تلك التي لا تطلب شيئًا سوى أن لا أُخيبها حين أقرر الظهور؟
ربما… لن أعود. أو ربما أعود، دون أن أخبركم. ربما أنا أحدكم الآن… أو ربما لم أكن موجودًا من البداية.
هل أنت متأكد أنك رأيتني فعلًا؟ أم أنك فقط… كنت تنتظر أحدًا، وأعجبك أن تكون صورته تشبهني؟
التعليقات