الإنسان قد يَتحمَّل التكلُّف والتجمُّل في طَبْعه لفترة قصيرة من الوقت، لكن من الصعب -إن لم يكن مستحيلًا- أن يظل مُتكلِّفًا طِيلَة حياته بطباع غير التي تعوَّدها، ولا سِيَّما إن تَعرَّض لضغطٍ عصبيٍّ أفقده ذلك التحكُّم، والنَّفْس تَتُوق إلى عدم الخروج عن إطار الراحة والعادة؛ إذ إن "الطَّبْع يَغلِب التطبُّع".
التربية جهد كبير وشاق، يحتاج إلى مُجاهَدة النَّفْس والخروج بها عن دائرة التصرفات المريحة إلى دائرة التكلُّف وحَمْل النَّفْس على ما لا تحب؛ ككظم الغيظ، ومحاولة الثبات الانفعالي أمام التصرفات الخاطئة، والتصرف بتُؤَدَة مع الأخطاء، وهو ما يصعب استمراره طِيلَة الحياة مع تقلُّب المواقف والظروف والنَّفْسية، ولا سِيَّما أننا لا نختلط بأولادنا بعض الوقت، ولا مرات معدودة من السَّنَة، بل إننا نحيا معهم بشكل دائم، ومن المُحتمَل أن يفقد أحد الوالدَيْن أعصابه خلال عملية التوجيه، فيَخرُج عن سياق التربية الإيجابية بالسِّبَاب (غير الفاحش) أو التعنيف (غير المُبَرِّح).
كثير من الآباء أو الأمهات قد يتَعرَّض لظروفٍ حياتيةٍ صعبةٍ؛ كضغطٍ في العمل، أو ظرفٍ مَرَضِيٍّ، هذه الظروف تجعل تحمُّل ضغط الأولاد العصبي مُستحيلًا، أو تجعل ردود الأفعال ذات شَطَطٍ كبيرٍ ومُنافيةٍ لنصائح التربية الإيجابية، وهذا مما يزيد نِسَب الخطأ في التطبيق لدى الوالدَيْن.
يجب ألاَّ يقلق الوالدان مع تلك التصرفات الخاطئة التي تشوب عملية التربية؛ لأن التربية عملية مُستدامة يتم تقييمها بشكل إجمالي وليس بالقطعة أو التصرف الواحد، ولا سِيَّما أن كل عوامل العملية مُتغيِّرة بدايةً من الظروف المحيطة إلى عَيِّنة التجربة نفسها (الإنسان) سواء المُمارِس للعملية أو المُمارَس عليه.
التعليقات