في الحلقة الثالثة من برنامج هدى للناس، دكتور أحمد عبدالمنعم ربنا يرضى عنه استكمل فيها تدبر الجزء الثاني من سورة الحجرات من الآية{11 إلى نهاية السورة}، لاحظت إنه ركز جدًا على مقاصد الشريعة وقال إن من أهم المقاصد الـ ذُكرت في هذا الجزء من السورة:

١-الحفاظ على تماسك المجتمع.

٢-السِتر من أهم المقاصد.

٣- علو ونزول درجات الإيمان.

والحقيقة إن التأمل في كل معنى من معاني آيات السورة، هيثبت في داخلنا اليقين المُطلق إن القرآن جاء هداية ورحمة للناس ولكن أكثر الناس لا يعقلون، سبحان الله بيصور لينا المشاهد تصوير حثي مُذهل، بداية من القصد الخاص من نزول هذه السورة، إلى القصد العام من كل آية من آياتها. تعالوا كدا نتأمل هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} بدأت الآية بالنهي عن السخرية، بالتأمل في الواقع الحالي هنلاقي إن السخرية بقت منهج حياة، وخاصة في واقعنا المعاصر السخرية كما قال دكتور أحمد عنها: "إنها فاكهة السوشيال ميديا"، طيب فين هنا التصور الحثي في هذا التأمل؟ هتلاقي الرد في تكملة الآية، ما ممكن الـ أنت بتسخر منه ده يكون خيرًا عند الله، والعبرة بما عند الله لأن الله عز وجل لا ينظر إلى ما ظهر منكم فقط، ولكن الله سبحانه وتعالى عليم بما يخفى، وأعلم بمن أتقى.

تعالوا كدا للنقطة الجوهرية المُبهرة بالنسبة لي في هذه الآية قال عز وجل، قومٌ من قومٍ وبعدين قال ولا نساءٍ من نساء، لأن الأصل هو عدم الاختلاط، إن مجالس النساء تكون منفصلة عن مجالس الرجال، لذلك خص كل واحد منهم على حدة رغم إنه نفس التكليف ونفس الحكم.

هل السخرية هنا تشمل الأشياء الدنيوية فقط؟ الإجابة قطعًا "لا" لأن المعنى الواسع في هذا الجزء هو النهي عن سخرية الطائع من المذنب، محدش يغتر بطاعته أو تسول له نفسه إن هو كدا أفضل وأحسن لمجرد إن فيه شخص أذنب وذنبه اتكشف، لأن في باطن هذا الأمر ما يعلمه الله وحده، إن المذنب ده ممكن يكون بينه وبين ربنا خلوة بيتذلل إلى الله أنه يتوب عليه وربنا يمن عليه بالمغفرة، شايفين المقصد العظيم هنا؟

نكمل الآية هنلاحظ إن السخرية بتجيب لمز، واللمز بيجيب تنابز بالألقاب، وفي الجزئية دي خطورة استصغار الذنب، لأن الحاجات الـ الإنسان بيشوف إنها بسيطة ومش هتأثر وإن ده هزار ومش قاصد هتقلل من درجة إيمانك، ولكن في النهاية في دايما باب الإنقاذ وهو التوبة، واللي مش بيلجأ لهذا الباب بيظلم نفسه.

نقفذ للآية الـ بعدها ونتأمل المعاني العظيمة الـ ذُكرت فيها { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ} دكتور أحمد وهو بيتدبر هذه الآية قال حاجة عظيمة جدًا، ليه اتقال إن بعض الظن إثم؟ يعني مش كل الظن إثم، لأن ممكن نظن ظن خير وليس ظن سوء، بدل ما نفترض الشر نفترض الخير، تعالوا بينا كدا نشوف التدرج الـ وصفته الآية، "سوء ظن ثم تجسس ثم غيبة." وده بالظبط المقصد من جملة «المعصية تجلب معصية والطاعة تجلب طاعة»

بالتأمل هتلاقي إن الشريعة بتعلمك إن الوقاية خير من العلاج، تبيَّن، تجنب سوء الظن، علشان متوقعش في كبيرة من الكبائر وهي " الغيبة" ننتقل للتصوير الحثي في هذه الآية للمشهد الحرام، وهو مشهد مجلس به غيبة، كأنك بالظبط بتأكل لحم أخيك ميت، يعني إيه برضو؟ كأنه هو ميت وأنت بتتكلم عنه وهو مش قادر يدافع عن نفسه، وهذا المشهد فيه خسة ودنائة، في نهاية الآية ربنا قال واتقوا الله إن الله تواب رحيم، وتواب هنا صيغة مبالغة، لأن إحنا للأسف بنقع في الغيبة كتير، أسهل عضلة هي اللسان، وأسرع ذنوب تأتي من خلاله.

في نهاية هذا التأمل، المفروض إننا نحفظ سورة الحجرات قولًا وعملًا، وكمان نصلي بيها علشان نذكر أنفسنا بالمعاني والأحكام الشرعية العظيمة الـ فيها، وندعي كتير إن ربنا يهدينا ويصلح حالنا ويهذب قلوبنا.💗

#فاطمة_شجيع