كثيرًا ما نلاحظ تعلّقًا شديدًا بين الابن وأمه في مجتمعاتنا الشرقية، وتمجيدًا لهذه العلاقة بشكل يقترب أحيانًا من القداسة، بينما يحضر الأب إما في صورة السلطة الغائبة أو الحضور الرسمي البارد. هذه الأنماط قد تبدو مألوفة لدرجة أننا لا نشكك فيها، لكنها عند التمحيص تعكس بعمق ما يُعرف في علم النفس بـ عقدة أوديب، وهي المفهوم الذي قدّمه سيغموند فرويد ليصف انجذاب الطفل اللاواعي للوالد من الجنس الآخر، وما يصاحبه من مشاعر تنافس أو رفض للوالد من نفس الجنس خلال المرحلة العمرية ما بين 3 و6 سنوات. ورغم أن فرويد صاغها في سياق غربي، فتجلياتها في ثقافتنا تظهر بشكل غير مباشر، متغلغلة في التربية والدراما وحتى في الأمثال الشعبية.
لا يتم التعامل مع هذه الظاهرة كإشكال نفسي في مجتمعاتنا، وكثيرًا ما تُشرعن باسم البر أو التقاليد أو حتى "الحب الفطري"، الابن دائمًا أقرب لأمه، والابنة أقرب لأبيها؛ ما يؤدي إلى إنتاج أفراد يجدون صعوبة لاحقًا في تكوين علاقات ناضجة ومستقلة.
الفتاة قد تنشأ في ظل منافسة غير واعية مع أمها، والولد قد يظل يبحث عن صورة الأم في كل علاقة عاطفية يدخلها. هذه المظاهر تستحق نقاشًا مفتوحًا وصادقًا لفك ارتباطها بالمسلّمات الثقافية التي تعيق نمو الفرد. فكيف يؤثر هذا التكوين العاطفي والاجتماعي على بناء الأسرة وشخصية الأبناء فيما بعد؟
التعليقات