بصورةٍ مُربكة ودافئة في آنٍ واحد، أُحاول إعادة بناء مكتبتي الصغيرة؛ أهدم رفوف الكتب ثم أعيد بناءها وترتيب صفوفها بِحُبٍ جامح، بحذرٍ أحاول تنظيف الكتب من آثار الزمن وبشجاعةٍ أقرأ ما كتبتهُ على هوامش الكتب أثناء قراءتي، أرى بوضوحٍ مدى تبدل أفكاري واتساع آفاقي، تسترخي عضلة وجهي بهدوءٍ وأنا أحمل في يدي كتابي المُفضل وأردد في قريرة ذاتي تعهدًا بمعاودة قراءته مرة أخرى.

ببراءة طفلة أقوم بوضع أقلامي وكتبي ودفاتري على أرضية الغرفة ثم أقوم بتوثيق اللحظة الفوضوية الممتلئة بالأمل، وبينما أتجول ببصري على أغلفة الكتب وقعت عيني على جملة معتادة لكني لأول مرة استشعر معناها "ليس الزهد ألا تمتلك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء" أترى ذلك المعنى؟ اليوم أرى تلك العبارة بعين البصيرة لا بعين الناظر.

بيدك الدنيا ولكن قلبك ترتكز به الجنة، بيدك الوسائل وبين ثنايا روحك تكمن الغاية العظمى، ذلك المعنى الحنون الذي يجعلك تدعو الله دائمًا أن يجعل الدنيا بيدك وليس بقلبك، أن تملك الكثير والكثير ولكنك بك من الحرية ما يجعلك زاهدًا عفيفًا من الدنيا، مغرمًا مُشتاقًا إلى الجنة.

أجلس مندهشة من ذلك المعنى الذي أسقطه الله بقلبي، أحاول بيدٍ مرتعشة أن أُدوّن هذا المعنى بدفتري الصغير، ثُم ينقبض قلبي بقوةٍ مُوجعة، هل تملكك الأشياء يا فاطمة أم تملكيها؟ أرى بضعفٍ شديد أنني أملك الأشياء ولكن بعضها يمتلكني، أُردد ببكاء أليم: يا رحيم يا لطيف لا تجعل الدنيا أكبر همي، حصّن قلبي الضعيف من فتنة الدنيا وهوى النفس المرير.💗

#فاطمة_شجيع