القَلَقُ مرض شَائِعٌ جِدًّا، وَ يَشْعرُ بِهِ الجَمِيعُ حَرْفِيًّا. لَكِنَّ بَالنِّسْبَةِ إِلَى بَعْضِ النَّاس، يشْعرُونَ بِهِ كَثِيرًا، بِطُرُق لَا يُمْكِنُ إِيقَافُهَا أَو الحدِّ مِنْهَا دُونَ مُسَاعَدَةٍ خَارِجِيَّة، وَهَذَا ما يُسَبِّبُ الكَثِيرَ مِنَ الْمَشَاكِل. يَبْدُو أَنَّ القَلَقَ يَنْبُعُ مِنَ النِّشَاطِ الزَّائِدِ فِي الدِّمَاغِ، وَتَحْدِيدًا فِي "اللّوزَة المُخّية"، تِلْكَ الْمِنْطَقَة التِّي تُعْتَبَرُ مَصْدَرًا لِمَشَاعِرِ الْخَوْفِ وَالتَّهْدِيد، وَيَتَأَثَّرُ بَاقِي الدِّمَاغ تَبَعًا لِذَلِك. القَلَقُ هُوَ اِضْطِرَابٌ آخَرَ يَبْدُو أَنَّهُ يَنْشَأُ فِي الْبَدَايَةِ عَنْ طَرِيقِ الاِسْتِجَابَة الْمُفْرطَة لِلضُّغُوطَاتِ الْمُسْتَمِرَّة، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَحْدُثُ اِضْطِرَابٌ لِنَظَام "الجَابَا"، ذَلِكَ النِّظَام الَّذِي يُهَدِّئُ الدِّمَاغَ وَيُبْقِيه تَحْتَ السَّيْطَرَة. قَدْ يَكُونُ هَذَا نَتِيجَةَ لِلضُّغُوطَاتِ الْمُسْتَمِرَّةِ التِّي لَا تَنْقطِعُ وَالَّتِي تُسَبِّبُ اِسْتِنْفَاد وَتَعْطِيل إِطْلاقِ "الستِيرُويدَات العَصَبِيَّة"، وَالَّتِي عَادَةً مَا تَحْفَظُ نظَامَ الجَابَا فِي حَالَةٍ جِيدَة. لِلْقَلَقِ الكَثِيرُ مِنَ الْقَوَاسِم الْمُشْتَرِكَة مَعَ الاِكْتِئَابِ، عَلَى الرُّغْمِ مِنْ بَعْضِ الاِخْتِلَافَات الْملْحَوْظَةِ بَيْنَهُمَا. حَتَّى قَدْ يَكُونُ القَلَقُ سَبَبًا لِلاِكْتِئَاب، فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ. هُنَاكَ بَيْنَ الاِكْتِئَابِ وَالقَلَقِ الكَثِير مِنَ الْعَمَلِيَّات الأَسَاسِيَّة التِّي يَتَشَارِكُونَهَا عَلَى أَيِّ حَال. يُمْكِنُ لِلْقَلَقِ أَنْ يَتَجَلَّى بِطُرُق كَثِيرَة وَمُتَنَوِّعَة، وَهَذَا شَيْءٌ يَحْدُثُ بِالْفِعْل. تَخْتَلِفُ تِلْكَ الطُّرُقُ بِنَاءً عَلَى كَيْفِيَّةِ بَدَايَةِ الاِضْطِرَاب، وَأَيّ أَجْزَاءِ الدِّمَاغِ تَتَأَثَّرُ، وَكَيْفَ يُعَالِج النِّظَام كَكُلّ الْمُشَكَّلَة الأَسَاسِيَّة وَيَتَفَاعَلُ مَعَهَا. يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ القَلَق مُحَدَّدًا جِدًّا، وَيقْتَصِر عَلَى مُثِيرٍ رهَابِيّ وَاحِدٍ كَالْعَنَاكِب أَوِ الأَمَاكِنِ الْمُغْلَقَة، أَوْ دَؤُوبًا وَ وَاسِعَ الانْتِشَارِ، كَمَا هُوَ الْحَال مَعَ اِضْطِرَابِ الهَلَعِ وَاِضْطِرَابِ القَلَق الْمُعَمَّمِ وَاِضْطِرَابِ مَا بَعْدَ الصَّدْمَة. هَذَا الاِضْطِرَابُ الأَخِيرُ أَكْثَرُ إِنْهَاكًا بِلَا شَكٍّ، وَيَتَطَلَّبُ الْمَزِيدَ مِنَ الرِّعَايَةِ وَالاِهْتِمَام.

هُنَاكَ عَدَدٌ مِنَ الطُّرُق وَالْوسَائِل لِمُعَالَجَة القَلَق، لَكِن مَدَى فَعَالِيَّتِهَا يَعْتَمِدُ عَلَى الطَّبِيعَةِ الْمُحَدَّدَة لِلقَلَق، لِأَنَّ كُلَّ دَمَاغٍ مُخْتَلِف.  هُنَاكَ أيضا، أَدْوِيَة تَتَعَامَلُ مَعَ أَعْرَاضِ القَلَق، لَكِنَّهَا قوِيَّةٌ إِلَى حَدٍّ مَا وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مُدَمِّرَةً فِي حَدِّ ذَاتِهَا، لِذَا يَجِبُ اِسْتِخْدَامُهَا بِحَذَرٍ شَدِيدٍ جِدًّا.  من هذا المنطلق، تُوَجدُ الْآن بَعْض الأَدِلَّةِ عَلَى الْجُذُورِ الأَسَاسِيَّةِ لِمَشَاكِلِ الصِّحَّةِ النَّفْسِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ بِشَكْلٍ عَامّ، وَإِنْ كَانَ هَذَا بَعِيدًا كُلَّ الْبَعْدِ عَنِ الْيَقِين، إِلاَّ أَنَّ هُنَاكَ أَدِلَّةً مُتَزَايِدَةً تُشِيرُ إِلَى أَنَّ القَلَقَ وَالاِكْتِئَابَ هُمَا نَتِيجَةٌ نِهَائِيَّةٌ لِلاِسْتِجَابَةِ الْمُفْرَطَةِ وَالْمُمْتَدَّةِ لِفَترَاتٍ طَوِيلَةٍ لِلضُّغُوطَات، وَهُوَ أَمْرٌ فِيه مُفَارَقَةٍ قَاسِيَّة، لَمْ يَكُنْ لِيَحْدُثَ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَدَيْنَا هَذِهِ الأَمْخَاخ الْقَوِيَّة الْكَبِيرَة الَّتِي دَائِمًا مَا تَجِدُ شَيْئًا يَدْعو لِلْقَلَق. رُبَّمَا يَكُونُ الْحَلّ الْحَقِيقِيَّ لِلتَّعَامُلِ مَعَ مُعَدِّلَات الاِكْتِئَابِ وَالقَلَقِ العَالَمِي هُوَ بِبَسَاطَةِ جَعْلِ الْعَالَمِ مَكَانًا بِهِ عَدَدٌ أَقَلُّ مِنَ الأَشْيَاءِ الَّتِي قَدْ نَقْلَقُ بِشَأْنِهَا.