" بكون سعيدة جدًا وأول ما الموضوع يقلب جد بهرب".. لماذا يخشى البعض فكرة الزواج؟

أنت أثرتِ عدة نقاط مهمة، فكرة الخوف والقلق من الدخول إلى عالم جديد، هل تعتقدي أن من أسبابها فكرة أن هذا القرار مصيري، بمعنى أن قبوله يعني التأثير على نوعية الخيارات المستقبلية؟ أي أن الشخص لو كان مستقل ماديًا ومعنويًا، فجأة سيجد نفسه داخل حصار يومي لا مفر منه، وهذا سيؤثر على مساحته الشخصية بشكل كبير (أحاول توضيح أسباب نفور البعض من فكرة الزواج).

بالنسبة لنقطة ما يردده المتزوجين، أشعر أن هناك انتشار لأفكار سلبية فقط، ولا يعطي أحد تجربته الموضوعية وخبرات قد تفيد الآخرين، والغريب أن تجربة الزواج نفسها هي تجربة فردية لا يصلح أبدًا تعميمها على كل الأزواج.

 بل بالخوف من الدّخول في عالمٍ جديد

أنا أراه خوفًا من التغيير، يعني إذا الواحد حياته مستقرة فما الذي سيدفعه إلى جلب التغيير؟ التغيير غير مضمون، وقد يجعل حياة الشخص أسوأ مما كانت، ولذلك فهذا الافتراض يجعله يفضّل الإبقاء على حياته الحالية دون إحداث تغيير فيها.

والسبب الأساسي وراء ذلك أنها لا تجد شريك داعم بحيث يمكنها تحقيق الاثنين معا فتتزوج وتحقق أهدافها في التعليم والعمل أيضا، للأسف ما زالت شريحة كبيرة من الرجال لا تعترف بعمل المرأة ولا بضرورة أن يكون لها طموح من الأساس، فتكون المرأة مضطرة لجعل عملها أمر واقع مفروض أولا ومن تفكر في خيار الزواج.

رغبه المرأة في العمل أو استكمال تعليمها، ونيل الشهادات الجامعية التي تضمن لها وظيفة مثالية، وهنا نجدها تهرب من فكرة الزواج

الغريب أن هذا هو ضمن الأمور البديهية في مختلف الدول الأوروبية مثلًا، لأنهم لا يتعاملون مع الزواج "كهدف" ولكن "وسيلة"، بمعنى أن الأهداف من المُفترض أن تكون كالآتي، في البداية أحدد مسار مهني يناسبني وأستطيع تحقيق إنجازات فيه (جزء من تحقيق الذات، وبعده إيجاد شخص نتشابه سويًا في الأهداف الحياتية في العموم وبيننا نقاط توافق مناسبة وعلى أساس ذلك نجد أن وسيلة مشاركة الحياة هنا هي بالزواج، ولكن ما يحدث في الواقع مختلف تمامًا عن ذلك، إذ نضع الزواج نفسه هدف أساسي، دون النظر لكل الجوانب التي ذكرتها، وفجاة تجد نفسها الفتاة تحديدًا، داخل أسرة وأطفال ولكنها لم تعش حياة سابقة تمنحها نضج كافي لهذا الاختيار وكيفية التعامل معه.

هو زواج والده ووالدته،

واحد من أهم السباب رنا هو ما ذكرتيه، الخوف من تكرار أنماط سابقة، فهو لم ير أي ملامح استقرار أو سعادة بين والديه، بل على النقيض محاولات بائسة منهما للتكيف مع حياة أصبحت واقعًا لا مفر منه وخصوصًا بتواجد أطفال بينهما، وحتى لو لم يقولوا هذا الكلام بشكل مباشر للأبناء، ولكن ما أن ينضج الابن ليفهم شكل العلاقات الزوجية، يمكنه أن يدرك بسهولة هل علاقة والديه كانت لتستمر بمحبة بينهما لو لم يكن للأبناء وجود، أم لا؟ أعتقد أن هذا هو الفرق الشاسع بين تحديد الزواج "كهدف" أم "كوسيلة"، الأولى لا يفرق فيها شخصية الشريك، المهم أن يناسب هدف الزواج والإنجاب.

لو كانت أبرز مثال لدى الشخص على الجوازات الكارثية هو زواج والده ووالدته

بالفعل رنا غابت عني هذه النقطة أيضاً، شكرا لك

كلما ازداد عمر الإنسان ازدادت صعوبة اتخاذه للقرارات الكبيرة مثل الزواج..

أرى هذه الجملة معبرة جدًا عن الاختيارات والقرارات في العموم، لأنه مع النضوج والخبرات المتراكمة، يأتي العقل دائمًا قبل العواطف لنفس الأسباب أو لنقول "المخاوف" التي طرحتيها، وبالنسبة للمرأة تصبح حاجتها للحفاظ على ما حققته في مسارها المهني أمر شبه إلزامي، والتخلي عنه مقابل التوافق مع ظروف زواج جديدة تُحتّم عليها ذلك، قد يكون مستعصيًا. لذا؛ لو قولنا أن القرار في سن صغير هو مبني على العاطفة، وفي سن أكبر مبني على العقل، وكل منهما له جانب خاص من التضحيات، كيف يمكن إيجاد حالة من التوازن تسمح بإتخاذ قرارات مصيرية كالزواج؟