أيُّها الموتُ

حياةٌ كعنكبوت يرسمُ خيوط خيال ورديَّة...

أنتَ يا عنكبُ،

أيُّها العاجزُ عن نسج خيط واحد أو نصف...

تسكبُ السَّواد فوق الورد!!

أيُّها الموتُ...

تعالَ؛ نسيرَ سويًا فوق ورد النيل.

في هذا الوادي حلَّقتْ فراشات حرة،

 حطَّتْ على سرير بتلات اللوتس...

 عزفتْ على هديل اليمام وخطوط الذهب موسيقى الخلود رغمًا عَنْكَ.

توارتْ مِنْ لهيب تموز،

 تبلَّلتْ بما عَلِقَ مِن النَّدى الليلي...

 رافضكَ، ومنكركَ، لاعنكَ هذا النَّدى الباقي،

يرفض أنْ يموت إلَّا شامخًا!!

تعالَ أيُّها الموت؛

لأريكَ الحياة في عُشِّ اليمام،

عُرْف الديك،

 ابتسامة حمامةٍ لعشيقٍ يدور حولها،

صهيل يحبو نحو الخلود!!

تعالَ أيُّها الأعمى؛

 أريكَ الأطفال اليتامى،

 الأرامل الملتحفَة بالسَّواد!!

 تعالَ يا أبا جهلٍ؛

أريكَ اليابس يجري في خضرة حديقة أبي!!

تعالَ أيُّها المُتكبِّر الآنف كنهدِ فتاةٍ في العشرينَ!!

ضعْ يدكَ في يدي،

اعصرْ شراييني، اسحبْ دمي إلى هناك!!

أهناك مثلُ هنا حقيقة أم خيال؟!!

تعالَ أيُّها المسوَّم بالسيف والحديد؛

 لأذيبَ حديدكَ ماءً في القنوات.

ربما منحتَ عشبة منسية الحياة!!

تعالَ تجوَّل معي بين حقول القمح السندسيَّة تحت ضوء الشمس.

انتظرْ حتى تصير ذهبًا؛

 لأطعمكَ قمحًا طازجًا،

 اسقيكَ عنبًا مُصفرًا لامعًا مِنْ جوف زهور الياسمين.

ربما تعودُ وترحلُ؛ لا ترجعُ أبدًا!!

تعالَ أيُّها الهادمُ لكُلِّ أشكال الحياة.

نقفُ عرايا على الجسر الإنجليزي المار منذُ عقودٍ فوق البحر الصغير!!

ليس هناك ما يدعو للخجل؛

كُلُّهم عميان كما أنتَ!!

هل تجيدُ السباحة بين عيون جاحظة، وضد التيار

 أم أنَّكَ فقط دكتاتور، لا تعرفُ كيف تحيا؟!!

هل ترى المتوسط الأزرق في الشمال البعيد

أم لا ترى غير السَّواد في العتمة؟!!

كُنْ شجاعًا أيُّها المسلوب مِن الحياة!!

حاورني،

فُكّْ رموز تلك اللوحة الممتدة بين المحيطات.

تسلَّق الجبال... اعبر الوديان.. اصعد التلال..

 وحُطّْ على سرير النهر، وزهر الأقحوان.

تجسّد الحياة في فراشة، وعين غزالة!!

تعالَ، أعلِّمُكَ كيف تعزف على النَّاي دون مسِّهِ،

أن تحاور أوتار الكَمَان!!

تعالَ أيُّها الجاحدُ بكُلِّ آيات الجمال؛ لعلَّي أقتلُكَ اليوم،

أعلِّقُكَ دميةً في مَسلخ الحياة!!

 أو صُبّْ نفسَكَ فيَّ!!

ليكن الخلاص، أو العدم، أو اللاشيء!!