ثم إنك في كل مرة ستبحث فيها عمن تكون، ستعود أدراجك خالي الوفاض.

ستظل تجدد هذا البحث حتى تفنى وتصبح وجبة دسمة للديدان. ستصاب بجنون "البرانويا" في كل مرة تطرح فيها السؤال -هذا السؤال اللعين اللامتناهي- الذي سيفتح في وجهك صندوق باندورا، "من أنا؟". السؤال الأكثر فتكا و شراسة.

ستحرم من العيش بسلام وانت تحاول ان تجد جوابا مقنعا… لا تنس أنك نتاج ماضٍ، ماضٍ كان يحاول الإجابة عن ذات السؤال، ليقع في المعصية بالاقتراب من ''شجرة المعرفة''.

لتعرف من تكون.. كن حذرا، لأنك كلما تعمقت في البحث، كلما تفسخت منك ملابسك التي تسترك، ذلك أن الحقيقة تماثل العراء. فاذا كنت خجولا لا تقترب أكثر لأن حقيقتك العارية ستفضح، وتُنْكَشَف أمام نفسك عاريا.

ولأني على علم تام أنك لن تتراجع، سأخبرك أن معرفتك لذاتك ما هي إلا خطوتك الأخيرة نحو الموت، لأنك ستفك شيفرة الحياة، وبذلك سيكون دورك قد انتهى و أصبح مرحبا بك في عالم الفناء، في عالم تعرف فيه حق المعرفة.

تجهز لهذا العالم حين يبرد الدم بصفة نهائية في جسدك الضامر، لتستقبل الحياة الأخرى وأنت عار و مدرك أنك لن تجيب على السؤال الذي يعتصرك إلا عند نقطة النهاية. ستفك عقدة ''سيزيف'' ولكن في المقابل ستخسر حياتك. ربما ستكون تلك نقطة بداية أخرى أو ربما أنك عرفت ما ينبغي ان تعرفه و انتهى دورك في اللعبة.

إن الذين فارقوا الحياة، فارقوها لأنهم كشفوا السر. لذلك، إذا أردت أن تكسب مزيدا من اللحظات مع ذاتك، مع كل الأشياء التي تميل إليها أو تميل إليك، مع الماثل أمامك، مع اللاشيء حتى (ذكرى الأشخاص والأشياء التي غادرتك)... لا تجرب أن تعرف، لا تجرب!