بسم الله الرحمن الرحيم

حماس

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

إن كانت حركة حماس الفلسطينية استطاعت أثناء حصار إسرائيل لغزة لسنوات أن تصنع أسلحتها بنفسها التي استخدمتها في طوفان الأقصى وحرب غزة، وإن كان صحيحاً ما يُقال بأن إيران هي من وجّهت حماس وعلّمتها كيفية صناعة الأسلحة، دون أن تزوّدها إيران بكل الأسلحة التي تحتاجها مباشرة، وإنما اكتفت فقط في الغالب بتوجيه حماس وتعليمها كيفية صناعة الأسلحة، فما الذي يمنع الدول المسلمة من أن تستفيد من تجربة حماس وتقوم هي الأخرى بتخصيص ميزانيات خاصّة لصناعة الأسلحة محلياً؟ فإن لم تجد الدول المسلمة من يوافق على تعليمها صناعة الأسلحة، فقد تستطيع الاستفادة من خبرة إيران في صناعة الأسلحة محلياً وخبرتها في تعليم حماس كيفية صناعة الأسلحة على قدر إمكانيات حماس وما هو متوفر من موارد قليلة في غزّة المحاصرة. وإن كان الاعتماد على إيران في تعليم الدول المسلمة كيفية صناعة الأسلحة، قد يتسبب بتقوية نفوذ إيران في الدول المسلمة، وأن تستغل إيران ذلك في نشر التشيّع في الدول والشعوب المسلمة، فللدول المسلمة أن تأخذ حذرها وتتصدّى لأي محاولة إيرانية لنشر التشيّع فيها وفي شعوبها. وأن تكتفي فقط بتعلّم صناعة مختلف الأسلحة محلياً من إيران.

فكيف سيكون الانتفاع العظيم للدول المسلمة في اتّباع توجيهات إيران لهم في تعليمهم صناعة الأسلحة؟ مع ما يملكون معظم الدول المسلمة من قدرات وإمكانيات وموارد تفوق ما كان لدى حماس والوضع الصعب الذي كانت فيه أثناء الحصار.

ولكن ذلك لن يكون مفيداً للدول المسلمة إلّا إذا نبذوا مشاعر الغرور والتكبّر والاحتقار لما تعلّمهم إياه إيران من صناعة الأسلحة محلياً، بقولهم مثلاً لماذا نتعب على صناعة أسلحة بدائية أو متواضعة بالرغم من أننا يمكننا بكل سهولة شراء ما هو أفضل وأقوى منها بأضعاف؟ ولكن إذا استطاعوا الدول المسلمة أن يصنعوا الأسلحة بالتوجيهات الإيرانية، فقد يكونوا قد حصلوا على أساسيات صناعة الأسلحة المختلفة، فيمكنهم بعد ذلك أن يبدأوا بتطوير تلك الأسلحة التي صنعوها بأنفسهم، وقد يتمكّنوا أيضاً من ابتكار أسلحة جديدة تناسب الإمكانيات المتاحة لهم، بعد أن يكونوا قد قطعوا شوطاً في صناعة بعض الأسلحة وتعلّموا أساسيات علم صناعة الأسلحة. ثم وبعد ذلك قد يتمكّنوا من تقليد مختلف الأسلحة ويصنعوا نسخها الخاصّة بهم، وبالتالي قد يتمكنوا في النهاية من الحصول على الاكتفاء الذاتي من الأسلحة التي يحتاجونها، دون أن يضطروا لدفع الثروات الضخمة على شراء الأسلحة من الدول الأخرى. فيبدو وكأن السعي في الحصول على الاكتفاء الذاتي من الأسلحة المحلّية الصنع، هو عمل مطلوب ومهم حتى لا تكون قوّة الدول المسلمة مرتبطة بالكامل برغبات الدول الأخرى وشروطها، فيتحرروا بذلك من قبضة الدول الأخرى، أيّاً كانت تلك الدول.

ويجب أن تعلم الدول المسلمة أنه ليس هناك أي شيء مُستبعَد، فأي دولة منهم قد تجد نفسها في مواجهة عدو ما يريد القضاء عليها، كما حدث للعراق الذي تمت محاصرته لعدة سنوات اضعفته جداً ثم هاجمته أمريكا لتقضي عليه. وكما حدث لأفغانستان التي وجدت نفسها في مواجهة تحالف عالمي تقوده أمريكا. وكمثل حماس التي تمت محاصرتها لسنوات ورغم ذلك رأينا الفارق الكبير الذي أحدثته حماس من رمي الحجارة على الدبابات الإسرائيلية إلى تدمير الدبابات والمدرّعات الإسرائيلية بقذائفها محلّية الصنع. وقد تجد الدول المسلمة نفسها في موقف روسيا التي قد تكون وجدت في سياسة أوكرانيا تهديد صريح لها أو لوجودها فأعلنت عليها الحرب، وإذ بها تواجه مختلف أسلحة الغرب لدى الجيش الأوكراني، أو قد تجد الدول المسلمة نفسها في موقف الجانب الآخر وهو أوكرانيا التي وجدت نفسها في مواجهة مباشرة وجهاً لوجه مع روسيا وجحافلها على أرضها.

إن القوّة العسكرية مهمة جداً للدول المسلمة، ويجب عليها ألا تُبقي هذه القوة مرهونة لرضى الدول الأخرى عنها، بل يجب عليها أن تحاول الحصول على الاكتفاء الذاتي من صناعة الأسلحة دون أن تضطر للجوء إلى الدول الأخرى... هذا والله أعلم.