مع كل حادث انتحار لأحد الشباب أو الشابات تشتعل مواقع التواصل الاجتماعي بردود أفعال متباينة بين التعاطف الشديد مع المنتحر ورفعه لمصاف القديسين الذي دفع حياته من أجل توصيل رسالة احتجاج بذل فيها روحه من أجل أن تصل للناس وبين الإدانة العنيفة والمحاكمة التي توصمه بكل النقائص. وكأي ظاهرة إنسانية فالانتحار من التركيب والتعقيد وتعدد الأبعاد ما يجعل التعامل معه بالتسطيح أو الاستقطاب يتسبب في مزيد من التشوش الذي لا نحتاجه..

نقول إن الانتحار فكرةً ومحاولةً وتنفيذاً يعبر عن حالة اكتئاب شديدة يعاني منها الشخص فأحد محكات التشخيص للاكتئاب الجسيم هو تكرار الفكرة وإلحاحها أو محاولة أو القيام بالفعل. فهو علامة فارقة بين الاكتئاب الجسيم والاكتئاب التفاعلي الناتج عن حالة إحباط أو حزن نتيجة لفشل طارئ أو فقدان حبيب أو عزيز حيث يشعر الإنسان بالحزن وربما يعبر عن ذلك بشكل مباشر أو من خلال عدم رغبته في القيام بأنشطته المعتادة أو مقابلة أصدقائه ولكنه لا يفقد طعم الحياة ولا رغبته فيها ولا يعبر عن رفضه للحياة أو عن رغبته في مغادرتها أو إحساسه بعدم جدواها..

وهذه نقطة في منتهى الأهمية لأنه وبشكل مستمر عند مناقشة الانتحار يحاول الكثيرون في معرض البحث عن الأسباب أن يتحدثوا عن الأسباب الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو حتى الأسرية وما تسببه من إحباط...

فما هي اسبابه!? !!