أتذكر زميلا كان يبهرني دائما. فقد كان يتحدث في جميع المجالات مظهرا احترافية عالية ومعرفة دقيقة في كل شئ، يمتلك إجابة لكل سؤال ويجادل من يدعون أنهم متخصصون في مجال واحد مما يتقنه زميلي بل ويظهر معرفة أكثر منهم في مجالهم. لقد ظللت أنظر له على هيئة النموذج الأسطوري الذي أتمنى أن أكون مثله يوما، إلى أن جربت مناقشته في مجال أبرع فيه من خلال سنوات من التعلم والكورسات وغيره، وقد كانت صدمتي أنه في الواقع يجهل بعض الأساسيات في المجال، إلا أن ثقته في رأيه تجعله يبدو لمن لا يعلم الكثير عن المجال كأنه على حق. عندها شككت في إمكانياته الحقيقية وتحدثت مع أكثر من شخص قد غلبهم عند مناقشتهم في مجالاتهم، فأكدوا لي أنه لا يفقه سوى القشور، لكن مع ثقته العالية في نفسه وعلو صوته جعلهم يشككون في قدراتهم وينسحبون من النقاش. هذه القصة هي أفضل وسيلة لتعريف تأثير Dunning-Kruger.

تأثير Dunning-Kruger هو نوع من التحيز النفسي حيث يكون الأشخاص الأقل خبرة ومهارة في مجال ما هم الأكثر ثقة في أنفسهم وقدراتهم، ويميلون لتقييم مهاراتهم بشكل مبالغ فيه.

يمكن أن يسبب التأثير مشاكل في كثير من المجالات. فمثلا عند توظيف مؤسسة ما لموظفين جدد، يكون هناك عامل كبير على الثقة بالنفس خلال المقابلة، وهو ما يتمتع به قليل الكفاءة على عكس الأكثر احترافية منه، مما يزيد من فرص توظيف الأشخاص الأقل كفاءة ما يؤثر سلبا على أداء المؤسسة.

يناقش مقال نشر عام 2020 تأثير Dunning-Kruger على طلاب الطب الخريجين. استنادًا إلى الدراسات التي أجراها، يلاحظ المؤلف أن الأطباء ذوي مستويات الكفاءة المنخفضة يميلون إلى تصنيف أنفسهم أعلى من أدائهم المقترح. فالطلاب الذين سجلوا أقل 25 في المائة في تقييماتهم صنفوا أنفسهم أعلى بنسبة 30 إلى 40 في المائة من الآخرين في مجموعتهم.