نعم، ينبغي تعلّم اللغات الإضافية لعدة أسباب. أولًا، تساعد على فهم وثقافة ثقافات أخرى، وتساعد على توسيع دائرة المعارف والانفتاح على العالم. ثانيًا، تُعدّ اللغات الإضافية مهارة حيوية في العديد من المجالات، مثل التجارة والدبلوماسية والتواصل الدولي، وتسهل العمل والتفاعل مع الآخرين وتزيد من فرص النجاح في مجال العمل. ثالثًا، يتيح تعلّم اللغات الإضافية فرصًا للتعلم المستمر وتحسين الذاكرة والتركيز وتطوير مهارات الاستماع والتحدث والكتابة. وأخيرًا، قد يساعد تعلّم اللغات الإضافية في توسيع الخيارات في السفر والتجربة والتعلم عن ثقافات جديدة وتطوير الذات.
هل يجب تعلم لغة إضافية ولماذا؟
إنّ أهم ما قد يقوم الإنسان بعمله هو ان يسعى إلى تعلم لغة إضافية. فاللغات هي بوابة العبور نحو العالم والمنطلق الذي يمكن من خلاله الانفتاح نحو الثقافات المختلفة. وفي هذا المجال سأتحدث عن تجربتي الخاصة. ف بالإضافة الى تخصصي في الأدب الانكليزي، فإنني ومنذ صغري أسعى إلى تطوير مهاراتي اللغوية من خلال المطالعة وقراءة الكتب ومشاهدتي للأفلام الأخرى ذات اللغة الثانية. وقد تحققت لي من هذا الأمر المنافع التالية:
- فهم أوسع لثقافات الشعوب الأخرى وهو ما يشكل نقطة قوة لي في حال عزمي غلى السفر.
- توفير وظيفة لائقة: فتعليم اللغات هو من أهم المصادر التي تمكن الفرد من تحقيق الدخل. وهذا بالفعل ما حصل معي إذ أنني اليوم أعمل بشكل أساسي في تعليم اللغة الثانية
- التعامل مع الشعوب الأخرى بخفة ومرونة: عندما نفهم لغة الآخر فنحن نفهم اكثر من الحرف والصوت والكلمة. نحن نقوم ببناء قاعدة قوية للتعامل مع الشعوب الأخرى وهو ما يسرع من عملية اندماجهم في بلادنا وعدم مواجهة صعوبات لغوية وثقافية
- تعزيز مهارات التواصل: فاللغة هي مهارات وهذه المهارات هي اربع: القراءة والإصغاء والكتابة والتحدث. وهذه المهارات الأربعة يمكن وضعها تحت عنوان واحد وهو التواصل. لذلك فإن اللغة الثانية تعزز مهارات التواصل.
- السرعة في تعلم لغة الذكاء الصناعي والتكنولوجية: فجميع التطورات التي تحصل في الحقل التكنولوجي تكون باللغة الثانية ومن هنا فإن امتلاك اللغة يفيد صاحبها في هذا المجال لناحية سرعة اكتساب المهارات التقنية.
- تطوير الشخصية: فامتلاك اللغة الثانية يعزز الثقة بالنفس وهو ما يحقق تطورا ملحوظا في نمو الشخصية.
- تطوير الذكاء الفردي: الذكاءات عدة أنواع ويدخل ضمنها الذكاء اللغوي وهو ما يعطي حاملها القدرة على حل المشاكل التي تتطلب تدخلا لغويا.
تلك كلها فوائد رائعة ومقنعة لتعلم اللغات الإضافية. ويجب أن نذكر أيضًا أن تعلم اللغات يساعد على توسيع دائرة الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية، ويمكن أن يؤدي إلى فرص جديدة في الحياة. علاوة على ذلك، فإن تعلم اللغات يساعد على تطوير مهارات التفكير والتحليل والترجمة، ويساعد على تعزيز الذاكرة وتحسين صحة الدماغ بشكل عام. لذلك، فإن تعلم اللغات الإضافية هو عمل ينتج عنه فوائد عديدة للفرد والمجتمع بشكل عام.
على سبيل المثال التجريبي، أثبتت الأبحاث السيكولوجيّة مدى تأثير تعلّم اللغات الجديدة على الأشخاص ثنائيي اللغة Bilingual، وهم الأشخاص الناطقين بلغتين. هذا طبعًا بالإضافة إلى الأشخاص الذي يتحدّثون أكثر من لغتين.
وجدت دراسة منشورة بعنوان Moral Judgement in Early Bilinguals: Language Dominance Influences Responses to Moral Dilemmas في 2018 على يد اثنين من الخبراء أن الحكم الأخلاقي قد يختلف من شخصٍ إلى آخر حسب قدرته على تحليل الأمر من منظور أكثر من لغة، وقد اكتشفا أن بعض الناطقين بأكثر من اللغة قج يطلقون حكمًا أقل عاطفيّةً على موقف ما إذا ما كان الموقف في سياق لغتهم الثانية. يبرز ذلك لنا مدى تأثير اللغة بشكل عام على وعينا وعلى أحكامنا الأخلاقيّة، وكيفيّة تأثيرها على توسيع مدراكنا عندما نتعامل مع المنطق ومع الأفكار بأكثر من لغة، حيث أن اللغة المنطوقة تمثّل أكثر من زاوية لوعينا بالأشياء والعالم.
بالتأكيد، يوضح هذا المثال كيف يؤثر تعلم لغات جديدة على تطوير الأفكار والحكم الأخلاقي. فعندما يتحدث الشخص أكثر من لغة، يمكنه تحليل الأمور من منظورات متعددة وتقييمها بطريقة أكثر شمولية وتحليلية. كما أن تعلم اللغات الجديدة يساعد في فتح أبواب جديدة للتواصل والتفاعل مع ثقافات وأفكار جديدة، ويعزز فرص التعلم والنمو الشخصي.
إضافة إلى ما قاله الأصدقاء فإنً معرفة لغات الشعوب الأخرة تعينك على فهم طرائق تفكيرهم. حتى العادات الساسية و الإقتصادية و الإجتماعية تستطيع أن تحللها عن طريق فهمك للغتهم. فاللغة ليس فقط وسيط لنتفاهم به بل وعاء للفكر لأننا نفكر باللغة ذاتها وهناك كتاب لناعوم تشومسكي يربط فيه بين كيف أننا يمكننا أن نفهم و نحفز الشعوب للقيام باعمال معينة عن طريق معرفة لغته. وهناك حديث للنبي عليه السلام يقول: من عرف لغة قوم أمن مكرهم....
نعم، موضوع معرفة لغات الشعوب الأخرى يمكن أن يساعد في فهم ثقافاتهم وطرق تفكيرهم، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تعزيز التفاهم والتعاون وتجنب المشكلات والتوترات الناجمة عن الخلافات الثقافية. ومن خلال معرفة لغات الشعوب الأخرى، يمكن للأفراد التواصل بشكل أفضل مع الآخرين وفهم ما يفكرون به وما يشعرون به، وهذا يمكن أن يعزز العلاقات الشخصية والعملية بين الأفراد والمجتمعات. وكما ذكرت، يمكن أيضًا أن تساعد في فهم العادات والتقاليد والاقتصاد والسياسة والثقافة الشعبية للشعوب الأخرى، وهذا يمكن أن يساعد في تحسين العلاقات الدولية والتفاهم بين الثقافات.
رغم كل تلك المنافع والفوائد وهذا الانفتاح علينا أن نعي كيف نحصل على تلك المنافع وذلك بتخطي الصعوبات التي تقف خلف تعلم لغة إضافية ووقد تمنع الكثير من تعل لغة إضافية وترهبهم جداً، ومن تلك الصعوبات التي علينا ذكرها لمعالجتها:
- قد يكون من الصعب تعلم وتطبيق النطق الصحيح للغة الجديدة، وقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لتحسين اللكنة. على سبيل المثال، قد يواجه الناطقون باللغة الإنجليزية صعوبة في نطق الأصوات الموجودة في اللغات الآسيوية مثل الصينية أو العربية.
- يتطلب فهم لغة جديدة أيضًا فهمًا للثقافة والتعبيرات المستخدمة فيها. قد يكون من الصعب فهم المفاهيم والتعابير الثقافية الخاصة باللغة الجديدة.
- قد تحتوي اللغات الجديدة على قواعد نحوية وصرفية مختلفة تمامًا عن اللغة الأم. يمكن أن تشكل هذه القواعد صعوبة للمتعلمين في فهم كيفية تركيب الجمل وتصريف الأفعال والأسماء.
- يعتبر التطبيق العملي للغة الجديدة جزءًا مهمًا من عملية التعلم. قد يكون من الصعب العثور على فرص للممارسة العملية للغة الجديدة في بيئة حقيقية، خاصة إذا كانت لغتك الهدف غير مشهورة أو غير منتشرة في المنطقة التي تعيش فيها.
- قد يواجه المتعلمون صعوبة في التفريق بين القواعد والمفردات في اللغتين، مما يؤدي إلى التداخل بينهما. قد يكون من الصعب في بعض الأحيان التعبير بشكل صحيح في اللغة الجديدة نظرًا للتأثير الذي يمارسه النمط اللغوي الأم على التعبير.
- يحتاج تعلم لغة جديدة إلى وقت وجهد كبيرين. قد يكون من الصعب العثور على وقت كافٍ في الجدول اليومي للتركيز والتدريب على اللغة الجديدة بانتظام. يتطلب التحقق والالتزام الثابت لتحقيق تقدم في التعلم.
تعلم لغة جديدة يمكن أن يواجه المتعلمين بعض الصعوبات مثل صعوبة تطبيق النطق الصحيح، فهم الثقافة والتعابير، وقواعد النحو والصرف المختلفة، وصعوبة العثور على فرص للممارسة العملية، التداخل بين اللغتين، وضيق الوقت والالتزام. لكن تعلم لغة جديدة يمنح الفرصة لاكتساب منافع عديدة مثل التعرف على ثقافات ولغات جديدة، التواصل مع الآخرين، وتحسين فرص العمل والتعليم والسفر. يمكن تخطي هذه الصعوبات من خلال التركيز والمثابرة والممارسة الدائمة للغة الجديدة والبحث عن فرص للتطبيق العملي للغة في الحياة اليومية.
وجود الصعوبات لا يعني استحالة الأمر، المغزى من ذكرها ومعرفتها أن الكثير يكون متحمس جداً وحين يصدم بصعوبة ما تجده يتوقف أو يتراجع وربما حن يعي تلك الصعوبات ويكون على دراية أن هذه صعوبات طبيعية جداً تجد توتره وفرصة تراجعه أقل.
صحيح أن وجود الصعوبات لا يعني استحالة تعلم لغة جديدة، بل يعني أنها تحتاج إلى جهد وصبر وتفاني. إذا كان المتعلم مستعدًا لتحمل هذه الصعوبات والتعامل معها بإيجابية، فإنه يمكنه التغلب عليها وتحقيق النجاح في تعلم اللغة الجديدة. لذلك، من المهم أن يكون المتعلم على دراية بالصعوبات التي يمكن أن يواجهها، وأن يتعلم كيفية التغلب عليها بدلاً من الاستسلام لها.
التعليقات