الاهتمام والشغف هل هما ثابتان ام متغيران؟

أتذكر "حبي الشديد لكرة القدم" عندما كنت صغيرا بعمر خامسة وتحول ذلك الشغف لـ " البينج بونج" في المرحلة الإبتدائية والإعدادية ومن ثم ولعي الشديد بالتصميم والفن ومؤخرا بتعلم الجيتار ... الشغف بطبيعته يتغير مع الإنسان فبمرور الوقت تنضج شخصيتنا لنجد أننا نريد شيئًا آخر في هذه المرحلة ولكنني اكتشفت في النهاية أنه أمر طبيعي أنا لا أمقت الأشياء الآخرى ولكنني غير شغوف بها هذه الفترة، لذلك دائمًا الكثير من الكتب التي تتحدث عن البحث عن الشغف المتأثرة بالذات.

في الحقيقة أنا أرى أنا يجب أن تستمتع برحلة اكتشاف الذات وألا نندم أبدًا لتعلمنا شئ ما لفترة من الزمن لأنه من الممكن أن نعود إليها مرة آخرى .. لذلك كل ما يجب علينا هو التركيز لإكتشاف شغفنا الحقيقي.

على الرغم من أن هاذين العاملين يبدوان ثابتين، فهما يتغيّران لدى العديد من الأشخاص. لا ألوم هذه النوعية بالتأكيد، فهي مرحلة نمر بها جميعًا. لكن في المقابل، وعلى الرغم من أن الجميع يمر بها، فإن الكثير منّا يعلق فيها ويظل ثابتًا في مكانه دون تحقيق شيء، ولا يحقّق الاختلاف في حياته إلّا من خلال التشتّت كل فترة بين اهتمامات مختلفة ومتباعدة. هذا السلوك للأسف يمنعنا من تحقيق الأهداف التي ننشدها، وبالتالي يحرمنا من الكثير من الآليات التي تساهم في تطويرنا. وعليه، لا بأس في أن تختلف اهتماماتنا حتى نجد ضالتنا. لكن المشكلة في أن نستمر لسنوات في هذه المرحلة دون أن ندرك ما علينا المحاربة من أجله.

طبيعة الإنسان متغيرة وغير ثابتة، تبعا لتغير الظروف حوله، فما يحيط بنا له وقع كبير على حياتنا عامة، قد نشعر أحيانا بالفتور وعدم الشغف، لكن هذا يتطلب َمنا التخلص من الروتينية اليومية والقلق وأهم الحلول لهذا الشعور ،وغالبا في هذه المواقف نحتاج إلى التجديد والتغيير

*السفر وتغيير المكان لمدة معينة اذا استطعت ذلك

*ممارسة الرياضة بشكل منتظم لها وقع كبير على نفسية الإنسان

*الخروج للتسوق او التبضع

* اللقاء مع الأهل والأصدقاء

*تغيير بعض العادات اليومية

الاهتمام والشغف عاملان متغيران ونسبيان يخضعان للتغير بالرجوع إلى مجموعة من العوامل وهي كالتالي:

• السن: فلدى التقدم في السن يفقد المرء الشغف في الكثير من الاشياء والتي يستبدلها باهتمامات جديدة تلائم المرحلة الجديدة
• أثرها في حياتنا: فعند ممارسة الأشياء التي لها آثار سلبية في حياتنا فإننا ولدى وصولنا إلى هذه الحقيقة نحاول الحد من شغفنا واهتمامنا بما أدمنا سابقا على الاهتمام به
• الوعي: فكلما زاد وعي المرء ونضجه تغيرت نوعية اهتماماته والأمور التي تشغفه.
• الإصابة بالاكتئاب واعتلال الصحة النفسية: فأحيانا ولدى مرورنا بفترة من الاكتئاب أو الحزن نفقد بشكل مؤقت شغفنا واهتمامنا بما كان سابقا أولوية
• انعدام التلذذ : وهي حالة نفسية تصيب الأفراد حيث يفقدون الاهتمام بالأنشطة والأعمال التي كانت سابقا جزءا أساسيا من حياتهم

الشغف والاهتمام هي نواتج لما نمر به من تركيبات معينة للبيئة المحيطة بنا في المراحل المختلفة من أعمارنا.

وعليه فإن أي تغيير في العناصر المكونة للبيئة المحيطة بنا ينعكس بكل تأكيد على الشغف والاهتمام تجاه شيء ما.

على سبيل المثال أحببت قيادة السيارات بشدة عندما كنت في إحدى الولايات الأمريكية لما قمت بتجربته من أنواع السيارات الكبيرة القوية، وطبيعة الطرق الرائعة هناك وسط الصحراء والجبال والمدن الهادئة واسعة الشوارع، ولكن عندما عدت إلى مصر وقدت أول سيارة من مطار القاهرة إلى حي مدينة نصر، وتكرر هذا الأمر مرات ومرات وعلقت في الزحام لساعات طويلة وامتلأت أنفاسي بعوادم السيارات وأذناي بصخب آلات التنبيه كرهت القيادة كلياً!

ولكنني أتسائل حول إمكانية إعادة الشغف والاهتمام نحو شيء ما بمحاولة إعادة الظروف المهيئة لهذا الشيء، هل نجح أحدكم في ذلك؟

تغيرت اهتماماتي بشكل كبير على مدار السنوات للماضية. حتى إني لا أعرفني الآن، وصدقي أنني حزنت كثيرا في البداية، لأنني افتقدت هذا الجزء مني الذي اعتاد أن يستمتع بفعل معين.

الأمر وما فيه أننا نتغير، ونسختنا الحالية هي نتاج أمور كثيرة جدا. لقد كبرت بكل بساطة. نموت وصرت شيئا جديدا مختلفا. كوني ممتنة لهذه الرحلة الرائعة التي نسميها الحياة، واستمتعي بالأمور الجديدة التي صارت تثير اهتمامك. وأيضا، كوني شاكرة لمن كنتي عليها في يوم من الأيام، فاهتماماتها وحبها وعنايتها قادتك لهذا الطريق.

أن تدع شيئا أحببته ورائك أمر مخيف جدا، ولكنه يترك مساحة لما يمكن أن يكون.