بسم الله الرحمن الرحيم

 الشخصيات ال(16)

الشخصية المنطقية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

قد لا تكون الشخصيات ال(16) شخصيات حقيقية ولكن قد يجد فيها المرء شيء من شخصيته فلو جمع من كل شخصية ما يشبهه وما فيه شيء منه فقد يخرج بشخصية قريبة إلى حدٍّ ما منه تشمل عدة نواح من شخصيته.

وحديثنا في هذه المقالة هو عن الشخصية المنطقية ويتميّز صاحب الشخصية المنطقية باستغراقه في خياله لفترات طويلة يفكر ويناقش نفسه ويجري مناقشات متنوعة بين شخصيات واقعية وخيالية في ذهنه فيتحدث كلّاً منهم على حسب ما لديهم من صفات يعرفها صاحب الشخصية المنطقية أنها لديهم أو بما أعطاهم من صفات خيالية فيخرج صاحب الشخصية المنطقية من خياله بأفكار مختلفة من عقول خيالية مختلفة ومتنوعة قد يعجز أحياناً من الإتيان بمثلها لو أنه حاول التفكير بها بطريقته المعتادة وهذا لأنها لا تناسب شخصيته ولا حتى مبادئه ولكنه ينجح في اختراعها بعقول أخرى عن طريق خياله.

وبسبب ميل صاحب الشخصية المنطقية للتحدث عن أفكار مختلفة قد لم يثبت بعد صحتها فإنه ولأجل ذلك قد يناسبه أن يعمل في مجال تطوير الأفكار والنظريات والاختراعات والمنتجات المختلفة, لما لديه من قدرة استثنائية على التفكير بعمق في كل فكرة أو نظرية, كما إنه يتميّز بقدرته الاستثنائية على فحص المشكلات والوصول إلى جذورها ثم يجد لها حلولاً مناسبة, فيمكنه بتلك القدرات الذهنية العالية أن يُكمل الأفكار الناقصة ويحل ما فيها من أخطاء ثم يطوّرها, وسيشعر صاحب الشخصية المنطقية بالاستمتاع مع كل فكرة ينتهي من إكمالها أو تطويرها لينتقل إلى فكرة أخرى ويبدأ العمل عليها, مما يجعله مناسباً ايضاً لأن يكون مساعداً لأصحاب الأعمال الذهنية الأخرى فتُسلّم له الأفكار غير الناضجة ليعمل عليها ويفكر بها لتنضج في عقله وتصبح جاهزة للمناقشة ثم للاستخدام, وغالباً ما سيصبح المساعد صاحب الشخصية المنطقية لا غنى عنه عند الآخرين, حيث سيسلّمونه كل ما يستعصي عليهم الانتهاء منه ليكمله المساعد صاحب الشخصية المنطقية ويخرجه لهم بأجمل حُلّة.

وقد يميل الشخص المنطقي أحياناً للتعلّق عاطفياً بأفكاره ونظرياته, فعلى الشخص المنطقي أن يتذكر أن أفكاره المنطقية نتاج عقله المنطقي وليس عواطفه, فلا يعقل أن يستغرق في اختراع أفكار منطقية للغاية ثم يحيطها بمجال عاطفي, لهذا فعلى الشخص المنطقي أن لا يغضب من تناول الناس لأفكاره ويمكنه إن شاء أن يترك أفكاره تتصادم في عقول الآخرين وأحاديثهم ليرى مقدار أثرها على الناس وليُصلح منها ما قد لا يستطيع الصمود أمام نقد الناس ومناقشاتهم أو يمكنه إن شاء أن يعرض أفكاره دون أن يلتفت لاعتراضات الآخرين عليها وآراءهم فيها فقد تكون أفكاره مرفوضة لدى البعض ولكنها قد تكون مقبولة لدى آخرين وقد تكون مهمة لدى البعض وغير مهمة لدى آخرين, وقد يرى البعض أن بعض أفكار صاحب الشخصية المنطقية خيالية فيثبطوا من همّته برؤاهم السلبية, رغم إنها قد تكون بذرة ستنمو في الغد لتصبح شجرة عظيمة كثيرة الخير, فقد لا تظهر أفكار صاحب الشخصية المنطقية بصورتها الكاملة إلّا في المستقبل حينما يقوموا الآخرين بتبنيها وتطويرها, فالفكرة التي في نظرنا اليوم خيالية قد تكون في الغد في متناول الجميع.

وعندما يحاول الشخص المنطقي أن يشرح أفكاره فإنه قد يشتت الآخرين في أمور كثيرة يصعب ملاحقتها, فعلى الشخص المنطقي أن يشرح أولاً سبب فكرته وما هو المتوقع منها, ثم يشرح كيفية وصوله إلى هذه الفكرة.

وعندما يُقابل الشخص المنطقي بشرح لمشاعر الآخرين فإنه قد يضيع مع هذه الأفكار ولا يجد لها حلّاً في عقله المنطقي, لهذا فعلى المنطقي أن يُقرّب تلك الأفكار عن المشاعر إلى أكثر المشاعر التي يعرفها, ليفهم مصدر تلك المشاعر وليعرف كيفية التعامل معها.

أما خوف الشخص المنطقي من الفشل فعليه أن يُهمله قليلاً ويبدأ بالعمل, فإن وجد أن خوفه يتضاعف, فليغيّر عمله إلى صورة أخرى, ثم ليستمر في تغييره حتى يصل إلى الصورة التي يهدأ معها باله, ثم له أن يستمر في العمل حتى يُنجزه...هذا والله أعلم.