صناعة الملابس وتلوث البيئة.. 7000 لتر من المياه لإنتاج بنطال جينز واحد

بعض النظر عن الدهشة حول هذه الإحصائيات (ماذا يفعلون بكل هذه الكميات في صناعة تي شيرت او بنطلون!؟) ولكن أمر معاناة االبيئة من عصرنا الصناعي الذي يطغى على كل أخضر ويابس بعقل وبدون عقل لهو أمر متفق عليه بالفعل ومحزن للغاية.

الله استخلفنا في الأرض واستعمرنا فيها وحملنا الأمانة في هذا الاستخلاف. فلهو شيء محزن أن تكون أكبر عصور التطور والحضارة الإنسانية المادية لا تعبأ كثيرا بـ"مادية" الكون والبيئة.

ولا أحسب أن تقليل الاستهلاك الفردي (إلا في حدوده المعقولة) له التأثير والدور في انقاذ البيئة من الصناعة (فهي وكأنك "بتنفخ في قربة مقطوع" بتعبير المصريين)

الأمر يحتاج أكثر إلى عمل جمعي عالمي في التوعية وايجاد الحلول العملية والعمل على تطوير الصناعة نفسها لتواكب هذه الجهود وفرض عقوبات دولية وهكذا.

أما تقليل الاستهلاك الفردي فلا أتوقع أو حتى أنصح إلا بالقدر الذي كان ليكون حتى بدون خطر بيئي ومشكلة مناخ ("كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" سبحانه)

أسوء مافي الحلول دائماً أن نستغني، لماذا على الإنسان بعد أن وصل إلى هذه المرحلة من التقدّم والروعة في الحياة أن يستغني عن ما يريد مهما كان الأمر الذي يريده يستحق بنظر الجميع أو لا يستحق؟ لا أعتقد أنّ هذه هي الطريقة الصحيحة لتقليب الأمور، بل يجب علينا والأصح كل المُهتمّين بقضية البيئة أن يُوجدوا حلول نوعيّة لمعالجة انتاج هذه المعامل وتخفيض هذا التلوّث ربما بأحدث التكنولوجيا الموجودة، قد يصعب إلغاء كل تلوّث أو اسراف ربما، لكن كُل تقليل هو خير بالنسبة للموضوع ولا بد في النهاية أن تجد البشرية حلّاً، أما أن نوقف الاستهلاك أو ندعي أخرين من حولنا لذلك فأرى هذا ضرباً من العبث لا ينفع.

مثل هذه المشاكل الكبرى التي تواجه الكوكب يتم حلها أعلى مستوى وليس على مستوى الفرد, الحل ليس في دعوة المواطنين للتقليل من الاستهلاك لأن هذا لن يحدث مطلقا, لا يمكن التحكم في سلوك سبع مليارات نسمة عن طريق الدعوات, الحل يكمن بوضع الدول لسياسات ناجعة للحد من التلوث, كالضرائب البيئية التي يتم فرضها على العامل, ووضع شروط بيئية للترخيص للمعامل, كإعادة تدوير المياه المستعملة والتحكم في الغازات التي يطلقها المعمل...إلى آخر, أيضا دعم البحث العلمي والتكنولوجي الذي يطور تقنيات إنتاج بأقل تكلفة بيئية, فالجينز مصنوع من القطن ويتم استخدام كميات ضخمة من القطن في صناعة الملابس, يمكن عن طريق التكنولوجيات الزراعية والبيولوجيا الوراثية تعديل نبتة القطن مثلا لكي لا تستهلك الكثير من الماء, وتطوير تقنية زراعية للحفاظ على المياه...وإلى آخره من التكنولوجيات التي أهل الاختصاص أدرى بها في كل مرحلة من مراحل الإنتاج.

الأرقام مفزعة بالفعل ولكن السؤال الذى راودنى ما الذى يفعلونه بكمية 2700 لتر أو 7000 لتر ولكى أن تتخيلى ضخامة الكمية ، والحل مع ذلك معالجة المياه المستخدمة بعد الاستخدام ، أو البحث عن تكنولوجيا لتخفيض هذا الهدر في الماء .

لكن المشكلة ليست في ذلك ، المشكلة بداخلنا نحن فالأجيال من التسعينات وحتى هذا الجيل حتماً ستذكرها الأجيال القادمة بالسوء ، لأننا تربينا علي الإستهلاك المفرط بدون مراعاة حقوق الأجيال القادمة ، وذلك عن طريق تدمير التنمية المستدامة .

فنحن تربينا على أن كل شئ متوفر بكثرة ، لكن ماذا لو عرفنا أن الأرض تنتج منتجوها الزراعى الذى يكفى خمس السنة فقط ، لكن ما الذى يجعل المحاصيل الزراعى تكفى استهلاكنا المفرط بل ونراها تفيض ، الكمياويات والأسمدة المسرطنة التى توضع على المحاصيل لتجعل المحصول أضعاف أضعافها لكى تكفى نهمنا وشرهنا للطعام ، فضلاً عن دول كثيرة عندهم مجاعات لا يصلها إلا المعونات القليلة من دول مفرطة استهلاكياً .

والحل وأد حب المادية فى قلب كل واحد منا حينها ستتزن الأرض ، فما حارب الطبيعة أحد إلا وخسر ، فقد خلقها الله متزنة ، ونحن نحاول أن نسلبها اتزانها بجشعنا المتواصل ، ولكن فطرة الله غالبة فى أرضه وبدايتها الركود والتدهور الاقتصادى المتواصل الذى نراه حالياً فى العديد من الدول التى كانت تتسم بالوفرة والرفاهية .

الأرقام التي ذكرتِها مرعبة للغاية، هل هذا معقول!!! بالتأكيد التقليل في استخدام ما لا نحتاجه مثل العدد الكبير من الملابس أمر مفيد علة المستوى الاقتصادي وعلى مستوى الوقت الذي سيتم توفيره من عدم شراء الكثير او من وقت الاختيار بين القطع الكثيرة، لكن فكرة تأثير هذا التقليل توفيرا للمياه لم تخطر ببالي مطلقا في السابق!

الحقيقة أن مبدأ الترشيد ينبغي أن يكون منهجا في كل أمورنا، حتى الطعام والشراب، فالافراط فيه يسبب الامراض، ولا ننسى أن ترشيد الاستخدام من مبادئ ديننا، والاسراف منهي عنه مهما تخيلنا أن الأمر بسيط.

لنرجع قليلا بالزمن ونرى هل كان أجدادنا يستهلكون مثلنا في كل أمور الحياة ،الجواب لا بالطبع فمع ضهور الرأسمالية الجشعة التي لا تبالي إلا للمصلحة الشخصية و الربح السريع على حساب البيئة ،فنضريات الاقتصادية كلها مبنية و تعتمد على الاستهلاك المفرط و هاذا يرجع بأضرار وخيمة يمكن أن لا نلاحضها في المستقبل القريب ولكن الأجيال القادمة ستدفع الثمن باهضا جدا !

الإنسان الحالي يريد أن يعيش في جنة الاستهلاكية ،فهو يقع ضحيت رغباته التي يتحكم فيها غيره، عن طريق الإعلانات وما شابه ذلك فلرأسمالية هي ألة تلتهم كل ما حولها و عندما تنتهي من كل ما حولها ستلتهم نفسها

ما علاقة الماء بصناعة الملابس؟ هل كل ما يصدر من الغرب نصدقه؟

البعض للأسف … يشتري الملابس ويلبسها عدة مرات، وقبل أن تبلى يحولها لخرق للمسح أو يلقها مع القمامة„ على إنه موضتها صارت قديمة!