للأشياء الأولى وقعها الاستثنائي على جميع مداركنا كأول مرة ينزل فيها المطر, خيبة الأمل الأولى والجرح الأول, أول رشفة من أول فنجان قهوة, أول رواية بعد كتب الطفولة, أول رسالة خطية كان ارتجاف اليدين باديا عليها, الطفل الأول, والصديق الأول حتى ولو لم يعد موجودا.

أفكر كيف تحصد الأشياء المركز الأول ؟ وأتخيل وأنا أتذكر أغنيتنا الأولى وأنا أتذكر أغان كثيرة ازدحمت في ذاكرتنا, نحن نحفظها لا لشيء سوا لأنها تعبر عما لا تسعفنا الكلمات عن البوح به وهكذا نحتفظ بالأغنية التي لامستنا من الداخل , أو ببساطة كل الأشياء قد يكون الامر كله مصادفة.

ومع أن الأشياء تبهت غالبا إذا تكررت, خاصة إذا تكررت بذات الطريقة, إلا أن هناك ما شذ عن القاعدة فنحن نحفظ عن ظهر قلب كل الخيبات بطقوسها وتواريخها وأحداثها مهما بدا ذلك مرهقا للذاكرة ربما لأننا نحارب وضع الأشياء في رزم كثيرة فهذه الأحداث الاستثنائية كان أثرها بارزا في حياتنا فلم تتحول إلى رقم في سلسلة ما.

في بعض الحالات الاستثنائية نقع تحت تأثير الأشياء الباهر ثم بعد فترة ليست بالبعيدة نجد أن هذه الأشياء أو الأشخاص  قد خف بريقهم و المشاعر التي شعرنا بها اختفت لا لشيء وإنما لان وقع الشعور هو الاستثنائي وليس الأشياء أو الأشخاص.

لذلك أجد انه من الصعب لي أن أتخطى المرة الأولى من الأشياء. وأفكر دوما فيما إذا كنت يوما -مصادفة- أول الأشياء في حياة الآخرين, وأحب بقدر ما أخشى, أن أكون كذلك.