نحن نمرُّ بعصر مأساوي من ناحية القدرة على التركيز لفترة طويلة، عهد التكنلوجيا يأتي بتحديثات كلّ مرة، تدغدغ مشاعر البشر للحصول على المُتعة بطريقة سهلة، وهذا يأتي على حساب قدرتنا على التركيز.

أظنُّ أنَّ قدرة البشر على التركيز الآن هي في أسوأ مراحلها، ولا أظنُّ أنَّ هناك مرحلة تشابهها إلّا مرحلة ما قبل تعليم آدم الأسماءَ كلّها.

في الفترة الأخيرة، صار توجّه الناس نحو مقاطع قصيرة Shorts في تيك توك ويوتيوب، حتّى التسلية لم تعد في موضوع واحد، هذه الفيديوات تعطيك مقاطع من 30-60 ثانية، وكلّ مقطع في موضوع مختلف، هذا ما يُبقي المستخدمين على الهواتف هذه الأيّام.

سلَّمنا بذلك، لكن الأمر المخيف، أن البشر لا يقدرون على الانتباه حتّى مع هذه الدقيقة بدون نكهات اضافية.

من النكهات أن تُوضع الموسيقى على المقطع.

من النكهات أن تُزال الثواني الميِّتة (ليس فيها كلام) على المقطع.

حتّى الآن الأمر مقبول.

يأتي بعد ذلك مستوى جديد، وهو إضافة الكلمات Captions على الفيديو، ما يقوله صاحب الفيديو يُكتب بعبارات كبيرة على الشاشة لجذب الانتباه.

لكن المرحلة الأخيرة من الانحطاط كانت الآتي:

أن يُوضع فيديو آخر مع الفيديو الأصلي، فيديو لشخص يلعب لعبة، مثلًا قيادة سيّارة، درّاجة أو شيء من هذا القبيل، بعض الفيديوات تستعمل فيديوات من لعبة مايني كرافت، المهم أن يكون هناك شيء لحضرة الباشا، الكائن البشري، ليضع عليه عينه حين يشعر بثانية ملل من الفيديو الأصلي ويعود له.

حينما شاهدت الأمر لأوَّل مرة، ظننته خبالًا خاصًا بصاحب قناة واحدة، لكنِّي أرى الأسلوب يشيع أكثر وأكثر في الفترة الأخيرة مع قنوات عديدة.

هذا مثال صوّرته لكم عمّا أتحدّث عنه