قابلت العديد من الأصدقاء المزيفين، وكذلك قابلت العديد من الأصدقاء الجيدين، قد كانت عادة المزيفين من الأصدقاء أنهم لا يبدون أبداً في بداية التعارف أنهم ليسوا مخلصين أو عندهم قابلية للتخلي، هذا أمر كنت ألاحظه للأسف الشديد بعدما أتعمق معهم في الصداقة، وأرتاح لهم وأئتمنهم على أسراري دون أن أشك للحظة في صدقهم وأمانتهم، وفي وقت ما تنكشف طبائع النفوس الحقيقية، حتى لكأنني أتعامل مع أشخاص آخرين غير الذين عرفتهم، وتعودت منهم على الردود الطيبة والمواقف الحسنة، لا أخفيكم سراً لقد كنت أنزعج بشدة ولكن مع الوقت كنت أصالح نفسي بفكرة:
"أنني أيضاً مخطئ حين اخترتهم أصدقاء مقربين من البداية، فلأنتبه بعد ذلك"
و بالرغم من وجود المخلصين والحقيقيين إلا أن ديستويفسكي له رأي آخر حيث قال معمماً:
"كل الذين أحبوني وأحببتهم، كنت أنا دائما الطرف الأكثر حباً لهم، أقصد أن و رغم قدرتي الضعيفة على التعبير لكنني أقدم أشياء صادقة، أقدم أشياء ربما لا يعرفون قيمتها إلا بعد نهاية علاقتنا، هم رائعون في البداية كالجميع كلهم رائعون في البدايات، الونس، الأمان، الردود الطيبة و الشغف، أما عني فكنت دائما أبحث عن ما هو بعد هذه الخطوة، فقط البدايات رائعة في كل شيء، لكن الوقت يُبرد مشاعرهم، الوقت يكشف أن اقترابهم مني كان بدافع الفضول أو مجرد نوبات احتياج فتعثروا بي لأعوضهم عن الفراغات التي يشعرون بها، لم يحدث يوماً و وجدت من تغير لأجلي، من حاول وضحى ليبقى بجانبي."
وهنا رأيت بعد تأمل أن نظرة ديستويفسكي لهذا الأمر هي نظرة أنانية واستعلائية بعض الشئ، بحيث ينظر للعلاقات من جهته فقط ويكيل الإنتقاصات والانتقادات للجميع بحجة أنهم أقل إخلاصاً وتمسكاً وحباً...ولو تأملنا لوجدنا ان كل الناس تقول ذلك ولا يعترف أحد بأخطاء اقترفها أو عيب ما يلازمه ويتسبب في رحيل الناس من حوله، بل الحل السحري والأسهل أن يسقط كل من له علاقات سيئة اللوم على الآخرين دون النظر فيما نفعله نحن أو نضع انفسنا مكان الطرف الآخر الذي قد نكون سبباً في تغيره او رحيله. وإن من أكثر العيوب التي نقترفها في العلاقات أننا لا نعترف بأخطائنا ولا نحاول التغير، وأما عن الصدق والإخلاص فهما موجودان دائماً وفي كل الناس تقريباً لكن بنسب متفاوتة، وحينما نقبل بأحد صديقاً مثلاً فإننا من نختاره بكامل إرادتنا واقتناعنا، لذا إذا تغير مع الوقت فهذا ليس خطأه وحسب بل نتحمل نحن جزءاً من الخطأ لأننا لم نختر بدقة وتسرعنا في الأمر.
وأنت، كيف ترى نظرة ديستويفسكي وتعميمه؟ وما هي المعايير التي من خلالها نعرف أن هذا شخص جيد وأهل لأي علاقة طيبة؟
التعليقات