منذ زمن بعيد، استوقفتني عبارات مثل "من شب على شيئ شاب عليه" و"الطبع يغلب التطبع"، فتسائلت كثيرا، هل سلوكنا يعتمد بصورة أكبر على سمات موروثة وعوامل بيولوجية، أم أن الدور الأكبر يعود للتنشئة والعوامل الخارجية؟ فحتى علماء النفس انقسموا في ما بينهم ولا يزال جدل "الطبيعة (الطبع) ضد التنشئة (التطبع)" محط نقاش لا ينتهي.

فمؤيدو نظرية الفطرية النفسية أو من يعرفون بالأصوليين، يعتبرون أن سلوكياتنا وسماتنا وقدراتنا تولد معنا وهي نتاج الشفرة الجينية الفريدة لكل إنسان. ولكن للتجريبيين وجهة نظر مختلفة تماما، فهم يعتبرون أن دماغنا عندما نولد يكون كصفحة بيضاء تمتلئ شيئا فشيئا بفعل التجارب والعوامل الخارجية، وخاصة أحداث الطفولة. وما بين هاتين النظريتين، يوجد توجه آخر يشير إلى تفاعل الطبيعة (الطبع) مع التنشئة(التطبع) لتشكيل السلوك الإنساني وأعلم أن الغالبية منكم تؤيد هذا التوجه. وأنا أيضا أؤيد التوجه الثالث ولكن أؤمن أن هاتين القوتين لا تؤثران بالنسبة ذاتها، فلا بد أن يكون لأحدهم كلمة أكبر من الأخرى ولو بقليل. ففي حالتي أنا، أعتبر أن للتنشئة والأحداث الخارجية تأثير أكبر على تشكيل شخصيتي، فقد تغيرت الكثير من سلوكياتي وطباعي المتأصلة. ولكن من خلال مراقبتي للكثير من أصدقاء الطفولة الذين ترعرت معهم، لاحظت أن الكثيرين يحافظون على طباعهم الأصلية ولا حتى أي ظرف حياتي كبير غير تغييرا جذريا في سلوكهم. 

فحتى الآن، لم أصل إلى وجهة نظر نهائية أعتمدها حول الموضوع، ولكن أرجح أن نسبة تأثير كل من الطبع والتطبع تختلف باختلاف قابلية التغيير من شخص إلى آخر.

فماذا عنكم؟ وهل حافظتم على طباعكم وسلوكياتكم الفطرية أو هل أثرت التجارب والظروف الخارجية عليكم بشكل أكبر؟