حين أدرس وأصل إلى طريق مسدود، وأقرّر -مُحبطًا- التخلِّي عن خطّة اليوم، يكون السبب عادة واحد لا غير: عقلية الكمال.

التفكير يجري بنمط "إمّا كل شيء، أو لا شيء" وهذا وحده سهل العلاج، تٌقنع نفسك أنّ "أي شيء أفضل من لا شيء" وتبدأ العجلة المتصدّئة بالحركة، وتدور حركة الانتاج.

لكن لو كان العلاج سهلًا، لماذا يقع الجميع في نفس الفخ دائمًا؟

لكل داء عوامل خطورة، أنَّ عصر السرعة الذي نعيش فيه، ساهم في زيادة "عوامل الخطورة" عقلية الكمال. هذه العوامل تتمثّل في الرغبة في انجاز أكبر قدر مُمكن من المهام في أقل وقت مُتاح.

تُريد زيادة الانتاجية؟ هاك أفضل تطبيق اضافة المهام وترتيبها، قم بزيادة المهام إلى عشرة، وهاك ساعة. هيا انطلق انطلق انطلق!

عندما تصل إلى طريق مسدود، وتبقَّت لك 20 دقيقة ولم تُنجز ثاني مهمّة من العشرة، يتسلّل اليأس والإحباط إلى قلبك، تقرّر ترك كل شيء، ما فائدة مهمّتين في ساعة؟

في مقال له على الـ The NewYorker يتحدّث كال نيوبورت عن "الانتاجية البطيئة" والفكرة من هذا أن تكون أبطأ في إنجاز مهامك، ستنجز مهام قليلة في وقت مُحدد، لكنّك ستتحلّى بعامل الاستمرارية.

الخوف المنطقي الذي يتبادر للأذهان أنّنا سنقوم بعمل أقل، وعلى مستوى الشركات هذا سيكون أكثر سوءًا، كيف ستنافس الشركة وعمّالها بُطَّئ متثاقلون لا ينجزون الكثير بسرعة؟

لكن هذا الخوف يفنَّد بملاحظات بسيطة نعرفها جميعًا، عندما يزداد عدّاد المهام، ويزداد الذي في طبقك، يزداد الذي يجري في رأسك ويزيد القلق والتوتّر، بشكل يُعيق اكمال المهام في الوقت المتبقّي، أو أسوأ: يُعيق جودتها.

بدلًا من أن تشعر أنّ كل شيء قد دُمِّر بعد أن لم تلتزم بالخطّة الثقيلة السريعة، تنفَّس وتباطئ قليلًا، ليس هناك مشكلة، بالعكس، قد يكون هذا هو الخيار الصحيح.

بالنسبة لي، أحبُّ التبديل بين الأمرين، إذا كنتُ بحال جيدة، سأضع مهام أكثر في طبقي، لكن إذا شعرتُ أنِّي لم أنم جيدًا البارحة، وعيني فيها تلك الهالة من الضغط وكأنّها فُرغَّت من لُبِّها بسبب نقص النوم، سأكون سعيدًا باعتناق الانتاجية البطيئة.

مشكلة الانتاجية البطيئة على مستوى الشركات، هي أنّها تحتاج إلى "نظام" تحتاج إلى طريقة ادخال مهام أهدأ. كيف ستعتنق انتاجية بطيئة وفي كلّ لحظة تُرمى عليك مهمّة جديدة عاجلة على الإيميل؟